الثلاثاء، 21 نوفمبر 2017

سعيد حجاج مابين القلق الوجودى ورحلة البحث عن الحرية

                                               سعيد حجاج
                           مابين القلق الوجودى ورحلة البحث عن الحرية
                                                                                    دالياهمام      



تقدم الهيئة العربية للمسرح ثلاث مسرحيات من زمننا " للمؤلف سعيد حجاج،وهى  " الم الوقت،القفص ،نبض التماثيل "يبدو معنى" العزلة" هو الجامع مابين المسرحيات الثلاث حيث يرزح الجميع تحت نير العزلة مع الحياة فى عموميتا وشموليتها،فالعزلة فى المسرحية الأولى "الم الوقت" تكمن فى كونبطلتى المسرحية تعيشان فى حالة من الوحدة والإنعزال عن العالم وعدم التواصل مع الحياةفقد وصلتا إلى سن جعل كلا منهماتنتظر الموت،
الذى لايأتى بحيث يطول الإنتظار وتصبح الحياة فى حالة من العدمية والدائرية ،وأصعب مافى هذه العدمية أنه لاشئ سوى  الثرثرة وألم الوقت ولهذا تتخذ "حكمت " إحدى البطلتين قرارا بدفع "امينة" البطلة الآخرى لقتلها عبر المحاولات الدؤوبة والمستمرة لحثها على ذلك ،فحكمت تشعر أن نهاية أمينة قد اقتربت ،وهكذا ستحيا فى عزلة أكثر ،هذه المحاولات لدفع الآخر لقتل الذات يفعلها "جيرى"فى مسرحية إدوارد البى "قصة حديقة الحيوان"دافعا بطرس" لقتله "بعد  أن أصبح غير قادر على التواصل مع الحياة بأسرها وهى دراما" لا معقول،عبثية "إختر التسمية التى اردت فلن ندخل فى جدال المصطلحات "وإنما الأهم أنها تحاول رسم "صورة شاعرية "وهذا مايفعله سعيد حجاج يرسم صورة شاعرية مليئة بإحساس القلق نحو الوجود، وتنتهى مسرحيته لتكتمل الصورة حيث "تنظر حكمت إلى المطلق متمتمة بكلام غير مفهوم وتعلو الموسيقى ".
أما العزلة فى المسرحية الثانية "القفص"
فتبدوفى ذلك البيت و من خلال الأسرة المتكونة من "الأب والأم والإبن"
حيث يقرر المسئول عزلهم عن الحياة بتلك الأقمشة الملونة التى تغطى بيتهم "وهم بطبيعة الحال نموذج لطبقتهم" حيث تقول الأم"كيف لك أن تتصور أن يرى المسؤولون منظر منزلنا القذر وتتأذى أعيونهم "إذن فقد فرضت عليهمالعزلة  كى لايراهم المسئول وزائره ،المسرحية تستقى مادتها الدرامية من حدث واقعى حينما زار المحروسة ذلك الزائر الغربى ، وما أشبه هذه العزلة، بعزلة أبطال "جان بول سارتر "فى مسرحيته "جلسة سرية ،لا مفر"فهى عزلة تبدو أبدية أيضا،ففى "القفص" نسيت الأسرة دفئ الشمس وشكلها فهل هى دائرية كحياتهم ام أنها مثلثة كالطبقات الإجتماعية التى هم ادناهاام مستطلية كما تظن الأم،ولكن الأهم فى كلذلك أنها مغلقة كما حياتهم التى لايتخللها دفئ الشمس ونورها،والمنطق العبثى هو المنطق  الحاكم فى مسرحية القفص حيث الأسئلة العبثية والأجوبة كذلك فالأب يسأل
الاب – اين اخوك
الام – انتحر البارحة وترك خطاب
الاب – واين دفنته
الام – فى مقبرة من الارز والطماطم
وهكذا هو العبث حالة غير منطقية ،وفى ظل هذا الجو العبثى لايطلب الإبن سوى مطلب واحد على الدوام فتح النافذة ليستنشق نسيم الحرية ويرى الشمس فيجد أن الحل الوحيد،هو أن يكون كما "المخلص" الوقود الذى يصنع النار التى تشرق منها شمس الحرية فما ان يشع وهج الحريق بإنتحار الإبن ، حتى تفتح النافذة ليرتشف الأب والأم نسيم الحرية ويتأكدا بأن الشمس مستديرة.
وتكمن العزلة فى المسرحية الثالثة "نبض التماثيل"
فى إبتعاد الملك عن شعبهوإنعزاله وسؤاله الدائم عن معنى " الحرية"فيجيبه الوزير بأنها تمثال ويؤكد الحكيم انه من حجر"وكأن الكاتب يشير إلى تمثال الحرية الشهير،فالمظهر حرية بينما الجوهر  شئ آخر "،وهنا يقرر الملك بناء تمثال الحرية ، وأن يمول بناءه بفرض الضرائب على الشعب لتبدوا جلية فكرة التناقض مابين ظاهر الحرية وباطن الإستعباد ،وهكذا لم يدرك الملك ان هذا التمثال قد ينبض بالحرية التى تلهم الشعب بأن يثور، فلا يكفى أن تكون الحرية ظاهرية بينما البطون خاوية فالجوع لا يصنع حرية ،وهنا يصنع الحاجب لعبته بأن يوهم الحاكم عبر الصوت المسجل بهدير الجماهير طالبة الحرية الحقة ،ويضمن الكاتب مقولة" ابو القاسم الشابى" "اذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد ان يستجيب القدر" ليثير الذهن بتذكر الثورات ،وهكذا يرتعب الملك فينزل فى السرداب خوفا من ان تفتك به الجماهير ، تاركا التاج ليرتديه الحاجب ولاتدرك بطانة الملك انه قد تغير تحت التاج ،إن الهام هو التاج نفسه لا من يرتديه، وهنا يحاول الحاجب إرثاء العدل وطرد البطانة الملكية ،فالحاجب من طين كطين الشعب كما قال فى بداية المسرحية.
وأخيرافإن الكاتب سعيد حجاج يقدم رؤيته الدرامية "عبر مسرحياته القصيرة هذه" فى حالة من التكثيف والبوح الكاشف عن قلق العصر وروح الانسان الدائمة التوتر الباحثة عن الحرية ،وغير القادرة على التواصل مع الآخر ومع الحياة فى ان معا لذلك فقد بدأعتبته النصية بجملة"3 مسرحيات من زمننا" وقد عبر عن زمننا فعلا، والمسرحيات الثلاث كما حالة مسرحيات العبث تبدأمن نقطة متعسفةوأرضية واقعية لتناقش قضايا حية وحقيقية إنسانية وسياسية وإجتماعية دونما خوف فى إطار من رسم الصورة الشعرية ويكتفى الكاتب بعرض مسرحياته من خلال شخصيات قليلة العدد فى المسرحيات الثلاث 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

من برنامج المسرح فى الصعيد ---قناة طيبة

من برنامج المسرح فى الصعيد تجربة مسرح المقهورين باسوان اخراج سحر جروبى . برنامج المسرح فى الصعيد رابط المشاهدة   ...