الثلاثاء، 21 نوفمبر 2017

المسرحة الأمينة للرواية دراسه بقلم اسماء يحى الطاهر عبد الله "خالتي صفية والدير نموذجًا"


المسرحة الأمينة للرواية
دراسه بقلم
اسماء يحى الطاهر عبد الله

"خالتي صفية والدير نموذجًا"



خالتي صفية والدير رواية للكاتب بهاء طاهر نشرت عام 1991، وحولها الكاتب سعيد حجاج إلى نص مسرحي بنفس العنوان وعرضت على مسرح الهناجر من إخراج ناصر عبد المنعم، عام 1998.

تكمن أهمية الرواية، في تناولها العلاقة المتشابكة والمتضافرة بين المسلمين والمسيحيين، وهو ما يظهر بدءاً من عنوان الرواية: خالتي.. صفية.. والدير، حيث خالتي هي علاقة قرابة/ود/رحمة/احترام.. صفية على اسم زوجة الرسول (ص) التي ترمز للصفاء (على عكس ما جاء بالرواية دلالة على تحول المسلمين من الصفاء والسلم الذي هو جوهر الإسلام إلى العنف والرغبة في الانتقام من الآخر).. والدير رمز المسيحية/التسامح/ الحماية. تلك العلاقة التي تحولت في التسعينيات زمن كتابة الرواية إلى فتنة طائفية وخاصة في صعيد مصر مكان الحدث في الرواية.

تبينت الدارسة من القراءة الأولى للنص المسرحي، أن الكاتب سعيد حجاج قد اختار هذه الرواية لاتفاقه معها في وجهة النظر، حيث أنه قد مسرحها بشكل أمين، إن جاز التعبير، فاحتفظ بنفس عنوان الرواية عنوانًا لنصه، واحتفظ بالشخصيات كما رسمت في الرواية، وبالعلاقات فيما بينها، كذلك احتفظ بأحداث الرواية، واستعان بالعناصر المسرحية بما لا يضر بالمعنى الأصلي وإنما بما يؤكده.
ترى الدارسة أن قصر الفترة الزمنية بين كتابة الرواية وكتابة النص قد ساهم في ذلك الالتقاء في وجهتي النظر حيث أن الكاتب سعيد حجاج قد عايش نفس الظرف الزمني الذي عايشه الكاتب بهاء طاهر وأثاره لكتابة الرواية.

1- زمن الرواية.. زمن النص:
تقوم الدارسة هنا بدراسة الزمن من زاويتين: الأولى هي التتابع الزمني (الكرونولوجي) للأحداث، حيث أن "..ترتيب سرد الأحداث في الرواية وأولوية ذكرها هو جزء أساسي من تشكيل الرواية تشكيلاً فنيًا.. (بناء الرواية، ص 43). أما الزاوية الثانية فهي الأزمنة التي تحتويها الرواية في سردها للأحداث، والتي تعتمد في أساسها على الزمن الماضي حتى لو احتوت على أفعال مضارعة سواء في حوار الشخصيات، أو على لسان الراوي الممثل للزمن الحاضر في الرواية:

فإذا جاء حاك يحكو، أو سارد يسرد، حدثًا ما؛ فإن هذا الحدث بحكم وقوعه تحت سلطان الزمن؛ فإنه يتسم بالزمنية. ولما كانت الحكاية، بحكم منطق الأشياء، تتمحض لماضي الزمن، وإلا لما كانت حكاية أصلاً؛ فإن هذا الماضي هو الذي يتحكم في مسار الأشكال الزمنية التي تعتور عناصر الحكاية. وما نراه من حاضر يستخدم في السرد؛ فهو لا يعدو كونه كالحاضر الذي يرد في مثل قولنا: "رأيته يلعب، ويقرأ ويجري..." ؛ فهذه أفعال حاضرة الزمن، أو مستقبلته (تبعًا لاختلاف مصطلحات النحاة العرب ورؤيتهم الغامضة للزمن) شكليًا، أو نحويًا؛ ولكنها تقع في ماضي الزمن دلالياً، وسرديًا. (في نظرية الرواية، ص 234، 235)

وكما أن الزمن يعد جزءا هامًا في تشكيل الرواية، فهو كذلك بالنسبة للنص المسرحي، بل ويراه كل من إلين أستون وجورج سافونا العنصر الحاسم في بنية الحبكة، ويحددان طرقًا أربعًا لعمل الزمن في النص الدرامي، ما يهم الدارسة منهم الطريقتان الآتيتان:

1-                       الزمن الحاضر:
وضع المتفرج في "هنا والآن" الخاصة بالعالم الخيالي الذي يتكشف أثناء أداء الفعل الدرامي. ويشعر المتفرج بهذا مثل مستوى زمني مستمر "يشار إليه" من آن لآخر، خاصة في المشاهد الافتتاحية التي تضع المتفرج في موقف "هنا والآن"
2-                       الزمن المتتابع (الكرونولوجي) Chronological:
وهو التتابع الزمني الخطي للقصة (Fabula) وهو يتألف من المدى الزمني المتتابع للأحداث، أى الأحداث كما تقع بالترتيب السردي. (المسرح والعلامات، ص 46)

فإن زمن الرواية الماضي وحضور زمن النص المسرحي، تحدد للكاتب المسرحي تشكيله للنص، للحفاظ على القصة من ناحية وعلى درامية النص وملائمته للعرض على خشبة المسرح من ناحية أخرى، كذلك فإن اختياره لنقطة انطلاق الأحداث وتتابعها تشكل جزءا هامًا في بنية النص المسرحي.

1-1 تفتيت الزمن الروائي.. تسلسل الزمن المسرحي:
رغم احتفاظ سعيد حجاج في نصه "خالتي صفية والدير" بأحداث الرواية كما كتبها بهاء طاهر، إلا أنه اختلف في الترتيب الزمني لتلك الأحداث، ينبع هذا الاختلاف بداية من اختلاف التقسيم في العملين؛ فقد قسم بهاء طاهر روايته إلى أربعة فصول وخاتمة، يحتوي كل فصل منها علي سرد الكاتب لشخصية من الشخصيات- كما يتضح من عناوين الفصول فيما عدا الفصل الأخير بعنوان النكسة والذي استغنى عنه حجاج في نصه- وذلك بغض النظر عن زمن الأحداث فنجد كل فصل يتذبذب بين ماض الشخصية وحاضرها وبين حاضر الراوي، وتتقاطع الأزمنة في الفصول مع بعضها البعض عند سرد أحداث ترتبط بوجود الشخصيات المروي عنها في كل فصل، فطبيعة الرواية أنها يمكن أن تشمل ".. مجموعة من الحكايات يحيل بعضها على بعض، وينطلق بعضها من بعض؛ فتتداخل الأزمنة مع تداخل السرد، وتنتسج الخيوط مع الخيوط الزمنية الأخرى.." (في نظرية الرواية، ص 224). وإذا كانت عناوين الفصول الثلاثة الأولى في الرواية تشتمل على شخصية/شخصيات: المقدس بشاي، صفية، المطاريد، فكان من الطبيعي أن تتداخل الأزمنة المحكية في الرواية:

ذلك أن ظهور أكثر من شخصية رئيسية في القصة يقتضي الانتقال من واحدة إلى أخرى وترك الخط الزمني الأول للتعرف على ما تفعله الشخصية الثانية أثناء معايشة الأولى لحياتها. فالتزامن في الأحداث يجب أن يترجم إلى تتابع في النص ويتطلب ظهور كل شخصية جديدة عودة إلى الوراء لكشف بعض العناصر الهامة وربما الاحتفاظ ببعض العناصر لكشفها في زمن لاحق. ولذلك كان التسلسل النصي للزمن في الرواية من تقديم وتأخير وحذف وغير ذلك من الأبنية الهامة في الرواية. (بناء الرواية، ص 55)

أما سعيد حجاج فقد كتب نصه المسرحي في شكل لوحات/ مشاهد متصلة في خط زمني صاعد، فيطرح الشخصيات جميعًا في تطورها من ماضيها إلى حاضرها، ونادرًا ما يعود إلى حاضر الراوي الذي هو حاضر القارئ. هذا الاختلاف الزمني لا يعكس وجهة نظر مغايرة للنص وإنما هو اختيار لشكل كتابة النص المسرحي بما يلاءم شروط الدراما، وظروف العرض المسرحي.. ذلك أن:

 النص الدرامي لا يملك زمن الشخصية، أى أنه لا يمكنه أن يواجه زمن شخصين ويشير إلى ماض/ حاضر بالنسبة للشخصيات (الكلام enunciado) وللراوي (السرد enunciacion) وعندما تحدث عملية مواجهة بين زمنين فإن هذا يحدث في ظروف محدودة جدًا داخل عالم الخيال في الحكاية، وتتعلق بنفس الأشخاص ومشوارهم الزمني. فعلى عكس ما يحدث في القصة فإن الدراما لا يمكنها مقارنة زمنين من كل الزوايا لأنها ينقصها زمن الراوي وهو خارج عن عالم الخيال للشخصيات وبالطبع خارج عن زمنها. (علامات العمل الدرامي، ص 430)

كما أن طبيعة المسرح الآنية التي تجعل الأحداث تدور هنا/ الآن أمام المتفرج، هي ما تجعل الكاتب المسرحي يحافظ بشكل كبير على التسلسل المنطقي للزمن، فمهما حاول أن ينقل القارئ/ المتفرج إلى أحداث مضت فإنها تظل حاضرة أمامه:

وهو ما يمكن أن نسميه ترهين السرد (أو استحضار السرد كأنه حاضر يحدث الآن وهنا، وهذا شرط المسرح) الذي يتجلى في هيمنة الحاضر باعتباره الزمن المؤطر، وانتفاء المسافة بين زمن الحدث وزمن روايته، فالراوي يرّهن السرد ويقدمه من خلال الحاضر (الآن) وانطلاقاً من اللحظة الراهنة تكون العودة إلى الماضي عبر الاسترجاع، ولكن ليعود السرد بعدها إلى الزمن المؤطر الحاضر.(ميسون علي، مؤتمر الرواية 2008)

فيصبح سرد الراوي أو الشخصية للقارئ أحداثًا ماضية في تلك اللحظة الزمنية، بمثابة إشراكه في الزمن الحاضر لما يدور في ذهن الراوي/ الشخصية، وبالتالي لا ينقطع التسلسل الزمني بالنسبة للقارئ.

1-2 ماض/ حاضر.. كان/ أصبح:
يطرح بهاء طاهر في رواية خالتي صفية والدير عدة أزمنة: زمن الراوي وهو الزمن الحاضر بالنسبة للرواية فإن "بناء الرواية يقوم من الناحية الزمنية على مفارقة تؤكد طبيعة الزمن الروائي التخييلية. فمنذ كتابة أول كلمة يكون كل شيء قد انقضى. ويعلم القاص نهاية القصة. فالراوي يحكى أحداثًا انقضت، ولكن بالرغم من هذا الانقضاء فإن الماضي يمثل الحاضر الروائي." (بناء الرواية، ص 40)
ويعد الراوي في الرواية هو الوسيط بين الأزمنة ".. وفي رواية خالتي صفية والدير يمكننا أن نكتشف الحوار بين السارد والقارئ وبين السارد وبقية الشخصيات، وبين الشخصيات الأخرى، إلا أن السارد يتوسط بينها وبين القارئ. (بهاء الدين مزيد، ص63) حيث يحكي عن أحداث وشخوص قد عايشها بالفعل في طفولته وعايش تطورها، وتصبح الثنائية الأبرز في سرده هي كان/ أصبح، فهو يطرح الزمن في تطوره ويحدد أثره على الشخوص ثم على المكان " وترتبط فكرة التغيير وحركة الزمن بحقيقة أخرى غاية في الأهمية من النوعية والقيمة: فالتغيير يحدث إما إلى أفضل أو إلى أسوأ. (...) فالزمن يتجه إلى الأمام ولكنه يتقدم إما صاعدًا نحو التقدم والتطور والنمو، وإما هابطًا نحو الاضمحلال والتدهور والانحطاط. (بناء الرواية، ص 70). وحركة الزمن في رواية خالتي صفية والدير تتجه إلى الشقاء والانهيار والتنافر، مما يشير إلى أهمية الرواية التي تعد في تذبذبها الدائم بين ما كان وما أصبح رؤية نقدية للحاضر، كذلك النص المسرحي فهو في تسلسله الزمني من الماضي البعيد في بداية النص، إلى الماضي القريب، ووصوله إلى حاضر المتلقي يطرح التغيرات التي طرأت على الشخوص من السعادة إلى الشقاء، من الحب إلى الانتقام فالموت.
ويصل الراوي، في الرواية/ النص بالمتلقي إلى طرح التساؤلات الأعم عما أصبحت عليه القرية في صعيد مصر:

الفتى: ياااه.. كم مر من السنين؟!
أعرف الآن أن هناك كهرباء في كل منازل قريتنا، إن أحدًا لم يعد يشعل "الكلوب"، وأعرف أن الطريق إلى الدير قد أصبح مرصوفًا.. وأن كثيرًا من السياح الآن يذهبون لرؤية آثاره.. كما كان المقدس "بشاي" يتمنى.
وأسأل نفسي.. إن كان مازال هناك طفل يحمل الكحك إلى الدير..
وأسأل نفسي.. إن كان أهل قريتي ما زالوا يهدون إلى جيرانهم ذلك البلح المسكر الصغير النوى..
أسأل نفسي.. أسألها كثيرًا  (النص، ص47)

وللإجابة على هذه التساؤلات لابد من رجوع المتلقي لكل أحداث الرواية/ النص التي تناولت العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في فترة الخمسينيات وحتى النكسة (زمن الرواية)، وما آل إليه الحال في التسعينيات (زمن المتلقي)، وأن يتناولها بشكل نقدي.
فإذا كان الراوي وصل إلى التساؤلات التي تحتوي في جوهرها على الشك والارتياب في إمكانية وجود تلاحم بين المسلمين والمسيحيين الآن في صورة أفعال بسيطة ولكنها تحتوي على حميمية:
وأسأل نفسي.. إن كان مازال هناك طفل يحمل الكحك إلى الدير..
وأسأل نفسي.. إن كان أهل قريتى ما زالوا يهدون إلى جيرانهم ذلك البلح المسكر الصغير النوى.. (التشديد من قبل الدارسة)
فالمتلقي لا يحتاج إلى إجابة مباشرة بلا أو نعم إنما هو يحتاج إلى إجابة عن سؤال لم يسأل مباشرة في الرواية/النص وهو: كيف وصلنا إلى هذه العلاقة المتنافرة إلى حد العنف؟ تلك العلاقة التي حولت صفية رمز الصفاء إلى رمز للعنف والانتقام.
اختار حجاج، إذن، أن ينهي نصه المسرحي، مثل بهاء طاهر في الرواية، بتلك التساؤلات ".. التي تترجم علاقة الشك والارتياب التي تطبع موقف الكاتب من الأحداث والشخصيات ولا تعبر تلك التساؤلات المتكررة عن عجز الكاتب عن تقديم إجابات بقدر ما تشعرنا بسعيه إلى تنسيب الحقيقة وإدخال المتلقي في فلك الرواية.." (بهاء الدين مزيد، ص 49) مما يؤكد على تبني سعيد حجاج لوجهة نظر الرواية، فهو لم يحاول الإجابة على هذه التساؤلات في محاولة لإضفاء تفسيره الخاص، بل نقلها مرة أخرى إلى ملعب المتلقي الذي هو حر بدوره في الإجابة أو عدم الإجابة عليها كل وفق إرادته ووجهة نظره.

1-3 هنا/ الآن:
رغم أن الراوي في النص المسرحي هو ذاته الراوي في الرواية. لكن طبيعة النص المسرحي التي تضع المتلقي هنا والآن، جعلت سعيد حجاج يستبدل بالفصحى اللغة الدارجة في الصعيد، فقد اختلفت لغة الحوار في النص المسرحي "خالتي صفية والدير" عن لغة السرد/الحوار في الرواية، ففي حين كانت الأخيرة لغة عربية فصحى تتخللها بعض الجمل البسيطة بالعامية الصعيدية، ذلك أن الراوي يحكي من وجهة نظره عن طفولته التي عاشها في إحدى قرى الصعيد، وهو منفصل زمنيا ومكانيًا عن المسرود عنه أو المروي عنه، ومنفصل في الوقت ذاته زمنيا ومكانيًا عن القارئ/المروى له، نجد أن لغة النص المسرحي هي العامية الصعيدية، فيما عدا مشهدي الراوي، كانت لغة الحوار هي العربية الفصحى.
ترى الدارسة، أن حجاج احتفظ بالفصحى على لسان الراوي حتى يفصل المتلقي زمنيًا عن الأحداث التي تمت روايتها في وجوده، وليذكره بأنها مجرد حكاية مروية حدثت فيما مضى، وذلك على هيئة مونولوج يتضمن أسئلة يوجهها الراوي لنفسه ولكنها موجهة للمتلقي في الوقت ذاته فالمونولوج دراميًا كما يقول حازم شحاتة "..يقرب المتفرج من الشخصية، وهو- مسرحيًا- تخصيص الفضاء المسرحي لممثل واحد؛ بحيث يصبح إدراك المتفرج لأزمة الشخصية كمن يطلع على أسرارها، فيخلق المونولوج اتحادًا مباشرًا بين المتفرج والممثل." (الفعل المسرحي، ص148).
الجدير بالملاحظة، أيضًا، كلمة الآن التي تتكرر في المونولوجات التي يوجهها الراوي للمتلقي، والتي تؤكد على أن الحوار في المشاهد الأخرى لا يحدث الآن رغم معايشة المتلقي له ".. تتحدث كير إيلام عن الدراما على أنها عن الضمير (أنا) موجهًا كلامي إليك، هنا، الآن، باعتبارها وسيلة طريقة للتعرف عليها على أنها أسلوب مختلف للحديث من شخص ثالث في أسلوب سردي وقصصي. الدراما يمكن أن ترى بهذه الصورة. إنها عن الحاضر أكثر من المستقبل.." (لغة الدراما، ص 139)، هذا التأكيد على الآنية يتيح للمتلقي فرصة للتأمل في الأحداث السابق ذكرها وفي التساؤلات التي طرحها الراوي عليه في نهاية المسرحية، فتحوله من متلقي سلبي إلى متلقي إيجابي.
تختلف عملية التلقي في الرواية فهناك انفصال زماني ومكاني بينها وبين عملية الإبداع، وفي الوقت الذي لا يحتاج فيه الكاتب الروائي إلى التأكيد على هذا الانفصال، يحتاج الكاتب المسرحي للاستعانة بتقنيات العرض لعمل هذا الانفصال فتلقي النص المسرحي المعد بغرض العرض عملية آنية. لذا يفصل سعيد حجاج الراوي زمانيًا ومكانيًا عن الأحداث أيضًا، عن طريق الإضاءة "الفتى تحت بقعة ضوء مستغرق في تأمله" (النص، ص10)، "الفتى يمر مسرعًا ليبتلعه الظلام وكذلك يظلم خص حربي وتضاء بقعة ضوئية يكون الفتى قد مر تجاهها- فنرى الفتى شابًا مستندًا إلى جذع نخلة.." (النص، ص24)

كذلك استبدل حجاج الحوار بالسرد لكي يحقق نفس الهدف؛ أن يجعل المتلقي يعيش الحدث في آنيته، فالحوار المسرحي ذو طبيعة آنية، حتى ولو كان الحدث المسرود عنه في الحوار قد اتفق على أنه حدث بالفعل في فترة زمنية لاحقة " فالحوار كلام في موضع بمعنى حاضر حيوي لأن الحوارات الدرامية مباشرة أما الحوارات التي تحتوى عليها الرواية بشكل احتمالي فهي على الرغم من أنها تكتب في المضارع لغة منقولة أي محكية." (علامات العمل الدرامي، ص 429)، فرغم أن الرواية تحتوي على بعض الحوارات بين الشخصيات إلا أن هذه الحوارات تظل في إطار سرد الراوي لها، وفي إطار وساطته، ذلك أن:

.. الحوار الذي يمكن أن يكون له خطاب في الرواية بالتبادل مع مونولوج الراوي أو أي شخص آخر، هو، بلا استثناء "خطاب مشار إليه"، بالمعنى الذي يعطيه باختين لهذا التعبير (باختين، 1986: 143) أي شكل لغة مدرجة في لغة أخرى: هو كلام شخوص منقول بواسطة الراوي بصوته الذاتي، به ينظم نوع من كورال الأصوات، مباشرة أو غير مباشرة، بإدراج كل الأصوات في الخطاب نفسه متعدد الأصوات، المميز للرواية. (علامات العمل الدرامي، ص 238)

إضافة إلى الدور الذي يلعبه الحوار المسرحي في آنية الحدث، فإنه يلعب دورًا هامًا يتفق مع دور المسرح الذي يعد مواجهة بين العرض والجمهور، مما يتطلب مشاركة المتلقي المراقب لما يحدث أمامه:

.. يتكلم باختين أيضًا عن هذا المراقب ويطلق عليه "الثالث" في الحوار أو "المرسل إليه العظيم"، الذي لا يتدخل في حوار الشخوص، لكنه يبدأ علاقة حوارية مع المؤلف (...) والفاعل المراقب actante observador حاضر في الحوار، يتقاسم المجال المشهدي للتمثيل مع شخوص الدراما الذين يتحاورون لخلقه، وليس أمام حوار محال إليه أو أمام حكاية حدثت وانتهت، بل تتطور أمام عينيه.. (علامات العمل الدرامي، ص 250)

فطبيعة السرد، إذن، تضع المتلقي في وضع لا يملك فيه اختيار لأن الأحداث التي يقرأها، رغم أنه يقرأها الآن، إلا أنه يعرف تمام المعرفة بأنها قد حدثت وانقضت ولا يملك من تغييرها أمرًا.. أما الحوار الدرامي فإنه يجعل المتلقي في وضع أكثر تحفزًا حيث أن القصة، وفقًا لباختين، تتطور أمام عينيه الآن، أي في حاضره، مما يجعل لحواره مع ما يراه لها دور في تغييره إذا أراد، ويمكنه من وضع رؤية نقدية قد تجعله في بعض الأحيان يتفاعل ويقدم على الثورة على واقعه هنا والآن.

2- النص المرافق:
إذا كان سعيد حجاج قد نقل شخصيات وأحداث رواية خالتي صفية والدير، بشكل أمين، حيث لم يضف للنص السردي الذي تحول إلى حوار مسرحي، وجهة نظره الخاصة، فإن الجزء الإبداعي عند حجاج في نصه المسرحي، المبني على الرواية، يكمن في النص المرافق، الذي هو نص موازي للنص الحواري والذي يتضمن تقنيات العرض المسرحي:

.. والنص المرافق للنص الحواري ينطوي على مفارقة من المفارقات المميزة للنص المسرحي، فهو محض اقتراح من المؤلف للخشبة في وجه من أوجهه، إنه خطاب المؤلف المباشر للقارئ/ المخرج/ الممثل/ فناني العرض المسرحي كي يتم تحويله إلى علامات الخشبة، ولكنه في الوقت نفسه هو النص الشارح للشخصية، وهو الذي ينشئ الموقف خارج اللغوي- السياق الذي يفسر الحوار أى أنه جهاز درامي كما هو جهاز مسرحي بالدرجة نفسها." (الفعل المسرحي، ص 45)

يحتل النص المرافق في النص المسرحي "خالتي صفية والدير" نسبة 50% والحوار نسبة 50% (قياسًا على  عدد السطور المكتوبة في كل منهما)، مما يعني أهميته الشديدة في النص حيث لا يمكن الاستغناء عن نصفه، لذلك ستقوم الدارسة بتحليل ذلك النص المرافق، المختص بالمسرح، والذي أبدعه سعيد حجاج، وربطه بالأصل الروائي لمعرفة دور الكاتب المسرحي في تناوله للرواية، وكيف استخدمه لتوضيح التحولات التي طرأت على الشخصيات.


2-1 نص الإضاءة:
إن التعريفات الكلاسيكية للإضاءة تحدد دورها على أنه إنارة خشبة التمثيل بصفة خاصة، عن طريق استخدام وسائل الإضاءة الصناعية، بينما اتسع تعريف الإضاءة في الاتجاهات النقدية الحديثة فصارت تستخدم بمنحى درامي ودلالي.
لا تقصد الدارسة بالإضاءة هنا مجرد الإنارة كما عرفتها الاتجاهات الكلاسيكية، حيث أنها بهذا التعريف تصبح قاصرة فقط على العرض المسرحي وليس لها وظيفة أو مكان داخل النص المسرحي، ولكن ما يهم الباحثة هنا هو الاستخدام الدرامي والدلالي للإضاءة والتي ترى فيها إحدى تقنيات النص المسرحي، لا مجرد تقنية من تقنيات العرض.
كذلك فإن التعريفات الحديثة، توسع من مفهوم الضوء ليشمل معه نقيضه الظلام فإذا كان حضور الضوء له وظائف كما ينتج دلالات فإن غيابه بالضرورة يؤدي وظائف وينتج دلالات ".. فثبات النور واستقراره يلحقه تغير في الظلمة، بالانتقال من مشهد مسرحي إلى آخر يليه، فبنية (نور/ظلمة) في داخله استقرار وهدم مستمران حيثما استمر الموضوع، حيث [يعطي تغيرات في المعاني ويؤدي إلى توصيلها كأفكار مرئية]." (مفهوم الضوء والظلام في العرض المسرحي، ص101)

والإضاءة هي إحدى علامات النص المسرحي التي يقترحها المؤلف لكل من المخرج ومصمم الإضاءة ومن ثم إلى المتلقي، لتعطي المعنى، الذي يريده المؤلف، كاملاً عن المكان والشخصيات. "إن قابلية التحول التي تمتلكها العلامة المسرحية تؤدى إلى تنوع العلامات، التي تفسر تحول البنية الدرامية، وهذه خاصية تتميز بها العلامة الضوئية في تغيير المكان أو الجو العام أو الحالة النفسية.." (مفهوم الضوء والظلام في العرض المسرحي، ص122)
يحتل نص الإضاءة مكانًا كبيراً في النص المرافق، في نص "خالتي صفية والدير"، ويستخدمه الكاتب سعيد حجاج بحيث يقوم بوظائف محددة داخل النص.
الانتقال إلى أماكن متعددة في المشهد الواحد: استخدم سعيد حجاج الإضاءة بهدف عرض أحداث تحدث في نفس الوقت في أماكن متعددة، أكثر من مرة في نصه "خالتي صفية والدير" ففي مشهد سبوع المولود حسان ابن القنصل وصفية يذكر: "يتم الانتقال بالإضاءة من حين لآخر بين المشهد السابق (جمع النساء) والليلة المقامة لنفس المناسبة حيث رهط من الرجال" (النص، ص13)
إن طبيعة العرض المسرحي التي تعتمد على التكثيف، إضافة إلى صعوبة التغيير المستمر السريع للمنظر المسرحي، على عكس الرواية، تجعل الكاتب المسرحي يحاول أن يلجأ إلى تقنيات تساعده على تحقيق هدفه بالانتقال عبر أكثر من مكان في الوقت ذاته، وقد استخدم حجاج هنا تقنية الإضاءة لتحقيق هذا الهدف حيث يمكنه عرض مظاهر البهجة بالمولود حسان بين أهل القرية جميعًا في الوقت نفسه دون الحاجة إلى تغيير قطع الديكور التي تستهلك وقتًا لا يسمح به العرض المسرحي.
مثال آخر يعبر عن رأي الدارسة في استخدام الإضاءة بمنحى دلالي: "تسبق بقعة الضوء كركرة الجوزة (...) خفوت (...) تنقلنا الإضاءة إلى جمع نسائي (...) تنقلنا الإضاءة وكركرة الجوزة إلى جلسة الرجال.." (النص، ص18، 19).. يكون الانتقال هنا من جمع النساء إلى جمع الرجال دلالة على تداول الأحاديث بين أهل القرية حول تغير موقف القنصل من حربي وإذا ما كانت صفية وراء هذا التغير.

العزلة: استخدم حجاج الإضاءة لتوضيح عزلة القنصل وصفية عن باقي القرية، نتيجة الإشاعة التي انتشرت بأن حربي يريد قتل ابن القنصل حتى يستولي على الإرث، ففي الوقت الذي يحكي فيه الأب لحربي عن سبب غضب القنصل منه تنتقل الإضاءة إلى "إظلام سريع وتبزغ بقعة ضوئية يظهر فيها القنصل وصفية متواجهين وصفية تحتضن الوليد بينها وبين القنصل" (النص، ص20)
إن وجود كل من صفية والقنصل في بقعة ضوئية وحدهما تنتج هذه العزلة، ويؤكد عليها الكاتب في الحوار الذي يلي وصف الإضاءة:
"صفية: لو سلاعة نخل دقت حسان ابننا حاموت فيها..
القنصل: بعد الشر عليكي وعليه يا صفية.. دا انا ماليش غالي غيركم  (النص، ص21) (التشديد من قبل الدارسة)
تلك العزلة خاصة بشخصية صفية بالأساس، وقد جعلت القنصل في عزلة هو الآخر، بعد أن أنجبت له الولد، لذلك فداخل بقعة الضوء نجد وصف لتقنية الحركة التي تجعل من صفية والقنصل متواجهين لا متجاورين، والوليد بينهما، فصفية ليست في معسكر خاص بها هي والقنصل معًا وإنما هي في معسكر خاص بها في مواجهة الجميع.
تأكيدًا على ما سبق، وجدت الدارسة إن الإضاءة تعزل صفية، أو تجعلها في مواجهة الآخرين، في أكثر من موقع في النص:

(تنتقل الإضاءة إلى (خفوت) بعد مشهد حب بين حربي وأمونه لتنتقل الإضاءة على صفية وحدها) (النص، ص 3)
(..تخفت الإضاءة ببطء لتبزغ بقعة ضوء يلتقى فيها القنصل مع صفية) (النص، ص12)
(بقعة ضوء في العمق تظهر فيها صفية تدور حول نفسها حاملة وليدها) (النص، ص27)
 (حربي والمقدس بشاي في بقعة ضوء وصفية في بقعة أخرى) (النص، ص43)

وتتعدد الإشارات في الرواية إلى عزلة صفية وتفردها:

أما عيناها فكان جمالهما فريدًا (خالتي صفية والدير، ص27)
هي الوحيدة التي لم تتعلم من البنات في الأسرة (خالتي صفية والدير، ص29)
 وأذكر في مرة أخرى أني رأيت خالتي صفية جالسة وحدها في صحن الدار ولم يكن في البيت سوانا وهي تغني بصوت خافت "حاربي قلبي".. (خالتي صفية والدير، ص32)

وهذه العزلة التي لم تنتج فجأة، هي نتيجة لتطور شخصية صفية بعد زواجها من القنصل، فيطرح الراوي التغيرات التي طرأت على صفية والتي توضح ما كانت عليه وما أصبحت في الوقت ذاته:

.. ولكن الأحوال لم تعد كما كانت.. لم تعد أمى تضربها على صدرها وهي تضحك من قلبها وتقول "يخيبك يا صفية" لم تعد ترفع التكليف.. (خالتي صفية والدير، ص51)
.. وتزرع الأرض بنفسها. بمعنى أنها كانت هي التي تؤجر الأرض للفلاحين وتقبض منهم. بل وتحدد لهم ما يزرعون في كل حقل، وهذا حق لم يكتسبه حتى عجائز المالكات عندنا.. (خالتي صفية والدير، ص69)

 إذا كان السرد هو الأداة الأساسة في الرواية التي ينقل الكاتب عن طريقها كل المعلومات والأحاسيس، فإن سعيد حجاج لجأ إلى إحدى تقنيات العرض المسرحي ألا وهي الإضاءة والتي تولد لدى المتلقي نفس الأثر ولكن دون الحاجة إلى كلمات كثيرة، فعزل صفية ليوضح التغير الذي طرأ عليها.
كذلك استخدم حجاج الإضاءة لتوضيح التحول الذي طرأ على شخصية أمونه التي تحب حربي، من العشق إلى الوحدة التي أصبحت تعانيها، فبعد اختباء حربي في الدير خوفًا من بطش صفية "تظهر أمونه تحت بقعة ضوء.." (النص، ص40)، ثم بعد وفاة حربي "بقعة ضوء على أمونه الهائمة تغني في شرود" (النص، ص45)، تصبح وظيفة الإضاءة هنا هي إبراز انفعالات الشخصية، وفي ذات الوقت هي علامة على الوحدة التي أصبحت تعانيها الشخصية.

الإضاءة كأداء: يستخدم سعيد حجاج الإضاءة كنوع من أداء شخصية صفية ففي الوقت الذي يقوم فيه القنصل بتعذيب حربي ظنًا منه أنه يريد إيذاء مولوده بإيعاز من صفية نجد وصف الإضاءة كالآتي: "بقعة ضوء في العمق تظهر فيها صفية تدور حول نفسها حاملة وليدها/ البقعة تومض وتنطفئ بشكل رتيب ومنتظم (...) تسرع بقعة صفية في الإظلام والإضاءة (...) إظلام سريع في حين تستقر بقعة صفية الحمراء" (النص، ص27)؛ (التشديد من قبل الدارسة)
إن انتقال الإضاءة من الرتابة إلى الإسراع يتوازى مع وصف حركة جلد القنصل لحربي بـ"ينهال عليه كالمجنون" لكن الإضاءة ليست خاصة بحربي ولا بالقنصل بل بصفية، إذن يمكن أن تكتسب الإضاءة هنا علامة على أن صفية هي التي تشعل غضب القنصل، يؤكد على ذلك اكتساب بقعة صفية للون الأحمر عند مقتل القنصل، كعلامة على مسئوليتها أن حربي هو الذي أطلق العيار تجاهه، هنا تتولد لدى القارئ إدانة لصفية.
في الرواية يعتبر الراوي صفية أختًا كبرى له فلا يحكي للقارئ بغرض إدانتها أو تبرئتها بل يحكي أحداثًا ويترك للقارئ حرية الشعور تجاه تلك الأحداث وتجاه التطور الذي أصاب الشخصيات، بينما يدين سعيد حجاج في نصه ذلك التحول الذي أصاب صفية بشكل واضح عن طريق الإضاءة، كما ذكرت الدارسة.
وهناك العديد من الأمثلة على استخدام حجاج للإضاءة بحيث تعطي أداء دراميًا وكأنها شخصية من شخصيات النص: فبعد موت القنصل، يصف حجاج الإضاءة بأنها "إضاءة شاحبة على معظم وجوه أهل القرية" (النص، ص31)، الإضاءة هنا اكتسبت أداء أهل القرية وهو الشحوب، وفي ذات الوقت أكسبت الوجوه شحوبها.
مثال آخر، بعد موت حربي في نهاية النص المسرحي، نجد أن "نوافذ القرية تضيء في شجن" (النص، ص46) وبالرغم من أن وصف الإضاءة بالشجن هو وصف غريب فلا تعلم الدارسة كيف تكون الإضاءة في حالة شجن، ولكن بما أن حجاج ليس هو مخرج العرض المسرحي ولا مصمم إضاءته فهو هنا يعطى اقتراحه بشأن التأثير النفسي أو الأداء المطلوب من الإضاءة في هذا المشهد.
وترى الدارسة أن سعيد حجاج قد يكون تأثر بتقنيات السينما، فقد استخدم الإظلام لعمل بان (تعني الكلمة في السينما حركة الكاميرا من اليمين إلى الشمال أو العكس) من إحدى جوانب خشبة المسرح إلى الجانب الآخر، ليوضح الحالة النفسية للشخصيات: "ينهض الأب (...) تظلم المندرة بمجرد اقترابه من الباب (...) لنراه في الغرفة الثانية التي تظلم بمروره للثالثة.." (النص، ص9)، فبالرجوع إلى السياق الدرامي تتجاوز الإضاءة أن تكون علامة على الانتقال من مكان إلى مكان أو بالأصح من حجرة إلى حجرة داخل منزل صفية، فهذا الانتقال يأتي بعد صدمة الجميع: الأب الذي في المندرة مع حربي، الفتيات والأم في الحجرة المجاورة وصفية في الحجرة الثالثة، الصدمة الناتجة من طلب حربي ليد صفية، ليس لنفسه كما توقع الجميع، وإنما لخاله القنصل. هنا يمكن اعتبار الإظلام الذي يتم من حجرة إلى حجرة هو نوع من الأداء فهو بمثابة علامة على الوجوم الذي حل بالمنزل، ثم يأتي تركيز الإضاءة على صفية كنوع من ترقب القارئ لرد فعلها.

لقطة مقربة: وهذه أيضًا من تقنيات السينما، وقد ذكر حازم شحاتة في كتابه الفعل المسرحي في نصوص ميخائيل رومان تلك التقنية في الأنساق الجمالية للمنظر المسرحي (حازم شحاتة، ص114)، وتستعيرها الباحثة هنا في إيضاح وظيفة جديدة للإضاءة استخدمها سعيد حجاج في نص "خالتي صفية والدير" بهدف إبراز انفعالات الشخصية في لحظة معينة، أو التركيز على لحظة مسرحية معينة، أو الانتقال داخل خيال شخصية ما في لحظة معينة، أو كل ما سبق معًا.
استخدم سعيد حجاج تقنية الانتقال بالإضاءة من لقطة عامة (long shot) إلى لقطة مقربة (close up) في وصف عرس صفية والقنصل: "يقترب الجمعان تخفت الإضاءة ببطء لتبزغ بقعة ضوء القنصل مع صفية (...) الجميع ملتف خارج بقعة الضوء.. تتغير الإضاءة لنرى حربي يراقص صفية في خيالها (...) تكرر جملتها الأخيرة وتتغير الإضاءة لنجد القنصل وحربي قد اختفي" (النص، ص12)
تلك اللحظة هي لحظة هامة في أحداث الرواية والمسرحية معًا، حيث هي بداية التحول الذي أصاب شخصية صفية، لكن في الرواية لم يقف أمامها الكاتب بهاء طاهر، بل استبدلها بلحظة أخرى بين صفية وأهل بيتها، وفي حين ذكر بهاء طاهر على لسان الراوي ".. وخاب أملي في فرح عظيم لخالتي صفية مثلما خاب أملى في زواجها نفسه. فلم يكن هناك طبل ولا غناء.." (خالتي صفية والدير، ص39)، اهتم حجاج بذكر تفاصيل مبهجة للعرس في النص واستخدم الإضاءة التي انتقلت من إضاءة عامة إلى بقعة ضوء لكى ينقل القاريء إلى داخل خيال صفية في تلك اللحظة التي تعد مرحلة فارقة تتبدل بعدها صفية من حب كبير لحربي إلى رغبة شديدة في الانتقام منه.

2- 2 نص الصوت:
يحتل نص الصوت، إلى جانب نص الإضاءة، مكانة كبيرة داخل النص المرافق، في نص "خالتي صفية والدير". وقد قسمت الدارسة تلك الأصوات إلى:

أصوات أدائية: هي الأصوات التي تحمل أداءًا بالأساس، ولكنها في ذات الوقت تخرج في هيئة صوت مثل: الضحك، الزغاريد، الصراخ، الولولة،...إلخ
وجدت الدارسة أن الضحك يحتل الثلث الأول من نص "خالتي صفية والدير"، فيذكر النص 14 مرة أصوات ضحك منها 9 في بداية النص وقبل أن يتقدم حربي ليخطب صفية لخاله القنصل عكس التوقعات بأن يطلبها لنفسه، تلك اللحظة الحاسمة التي يتبدل معها مصير الشخصيات جميعًا، وثلاث مرات في مشهد بين الفتى والمقدس بشاي قبل الخوض في مسألة انقلاب القنصل على حربي مباشرة. أما المرتان الأخيرتان فهما في مشهد لقاء المطاريد وعلى رأسهم فارس مع حربي بعد خروجهما من السجن، حيث كان حربي في ذلك الوقت في حمى الدير ولم تكن صحته قد تدهورت بعد.
والمثال الواضح على تبدل الحال من السعادة إلى الشقاء، هو المشهدان اللذان يلتقي فيهما حربي وأمونه ففي المشهد الأول وقبل تغير الأحداث، نجد الوصف الآتي: (تضحك بدلال) (ترهز بضحكات مائسة) (ضحكاتهما تتزايد) (النص، ص3)
أما في المشهد الثاني الذي يجمعهما بعد أن ينقلب القنصل على حربي وقبل أن يعذبه القنصل مباشرة يختفي الضحك تمامًا فلم يذكر مرة واحدة.
وفي الوقت الذي ينسحب فيه الضحك من النص المرافق نجد الصراخ والتأوهات تظهر تدريجيًا، فإذا كان الضحك يحتل الثلث الأول من النص المسرحي، فإن الصراخ والتأوه يحتلان ثلثي النص المسرحي، فيذكر النص المرافق 13 مرة صراخ، 4 مرات تأوه.
إن اختفاء الضحك ليحل محله الصراخ والتأوه هو علامة على تبدل حال الشخصيات وخاصة شخصية حربي من السعادة إلى الشقاء.
وما بين اختفاء الضحك والظهور التدريجي للصراخ والتأوه، يوجد في المنتصف منطقة تسميها الدارسة المنطقة الطقسية، وهي المشاهد أو اللوحات التي تصف كل من طقس زواج صفية والقنصل ثم طقس سبوع حسان: ففي الزواج تختلط أصوات الزغاريد (3 مرات) والأغاني (مرتان) وصوت الدربكة (مرة واحدة) وكلها أصوات خاصة بجمع النساء، مع هتافات الرجال (3 مرات) وطلقات النيران (مرة واحدة). وفي طقس سبوع حسان أيضًا تختلط أصوات المعسكرين ففي معسكر النساء تختلط أصوات دق الهاون مع الزغاريد والتصفيق وتصايح الصبية، وفي معسكر الرجال يختلط الغناء بصوت صاجات أمونه. (النص، ص11-13)
وهذا الوصف الصوتي، بالإضافة إلى الوصف الحركي لتلك المنطقة الطقسية غير موجود بالمرة في الرواية، وأضافه سعيد حجاج في نصه المسرحي، حيث أن هذه الطقوس تصنع حالة ممتعة للمتلقي، كما أن وجودها قبل تحول حالة الشخصيات من السعادة إلى الشقاء يجعل لها وظيفة هامة، حيث تقوم بتحفيز البهجة لدى المتلقي إلى أقصى حد قبل الدخول في العنف والشقاء، فوضع المتناقضات إلى جانب بعضها يعظم من الأثر الذي يحدثه كل منها في نفس المتلقي.

مؤثرات صوتية: يحفل نص "خالتي صفية والدير" بالمؤثرات الصوتية المتنوعة مثل أصوات عربات الخيول، أصوات أجراس الدير، أصوات الجوزة، أصوات طلقات النيران، أصوات الدربكة والصاجات.. وغيرها من المؤثرات. تلعب هذه المؤثرات الصوتية وظائف عدة:
استخدم حجاج المؤثر الصوتي "كركرة الجوزة" لتعيين المكان الذي يدور فيه الحدث حيث أن "الجوزة" في الصعيد مرتبطة بمجلس الرجال، فعند سماع كركرة الجوزة يربط المتلقي هذا الصوت بمجلس الرجال، وقد نص حجاج على ذلك "تسبق بقعة الضوء كركرة "الجوزة" حيث مجلس الرجال وأمامهم "منقد نار" وبراد شاي.." (النص، ص 17)
أشارت الدارسة في نص الإضاءة إلى أن الانتقال بين مجلسي الرجال والنساء ينتج علامة لدى المتلقي على تداول الأقاويل عن القنصل وحربي بين أهل القرية، يلعب المؤثر الصوتي مع الإضاءة هنا نفس الوظيفة، ولكن ترى الدراسة أن صوت "الجوزة" بالخصوص يضيف علامة أخرى فالجوزة هي عبارة عن نار ينفخ فيها الرجال فتزيد اشتعالاً هكذا الأقاويل التي يتداولونها بعضها يزيد العلاقة بين القنصل وحربي اشتعالاً.
وإذا كان بهاء طاهر قد وصف هذا الحدث، في الرواية، في سبعة أسطر:

.. فبعد أيام كانت القرية كلها تتكلم عما حدث.. وبدأ كثيرون يدافعون عن حربي، وبدأ آخرون يصبون على النار الزيت، وكثرت المراسيل بين الأقصر والقرية. وتطوع البعض، قال، لحراسة السراي وبنادقهم في أيديهم. وكان هؤلاء ممن يغارون من حربي لأنه حربي. ولكن البك لما رآهم واقفين حول السراي كالعمل الرديء، نهرهم وطردهم وقال إنه يعرف كيف يحمى بيته. غير أن القنصل اشتعل غضبَا. (خالتي صفية والدير، ص47) (التشديد من قبل الدارسة)

فإن حجاج استخدم العناصر المسرحية المختلفة من حوار وإضاءة وصوت لإنتاج علامات لمسرحة السرد الروائي، فجملتا (وبدأ كثيرون يدافعون عن حربي، وبدأ آخرون يصبون على النار الزيت) تحولت إلى حوار بين الرجال:

تنقلنا الإضاءة وكركرة الجوزة إلى جلسة الرجال..
رجل: أكيد عايز ياخد أرضه من حربي وحربي داقر فيها..
رجل: القنصل يا بوى ما عارفش حاجة في القلع والزرع..
رجل: طب امال ايه؟ يكون حربي بيلعب في مال البيه من وراه؟
رجل: ماصدقش فـ حربي عيبه
رجل: القنصل فلوسه تلاليس يا سيد خالك والمال السايب يعلم السرقة..
رجل: ياخى سد.. حربي عارفه من ظغرنا.. طبعه غير كده خالص.. اسألني أنا.
تتداخل الأصوات والهمهمات مع صوت الجوزة (خفوت ضوئي وصوتي) (النص، ص18، 19)

إن "تداخل الأصوات والهمهمات مع صوت الجوزة" ينتج علامة على أن هذه الأقاويل هي التي جعلت القنصل يشتعل غضبَا.. وإذا كان بهاء طاهر، في الرواية، يدين تلك الأحاديث التي دارت في وصفه السابق عن طريق التهكم (وتطوع البعض، قال، لحراسة السراي) (ولكن البك لما رآهم واقفين حول السراي كالعمل الرديء)، فإن حجاج في النص المسرحي، استخدم صوت الجوزة لإنتاج نفس العلامة، دون الحاجة إلى أن يقول الراوي بشكل مباشر أن هؤلاء هم السبب في اشتعال غضب القنصل على حربي، وتحوله من حب إلى كراهية، فحول السرد إلى تقنية سمعية تختص بالعرض المسرحي.

استخدم حجاج، أيضًا المؤثرات الصوتية لتعيين الحدث خاصة في المنطقة الطقسية:
فالوصف في النص المرافق، للأصوات الأدائية (التي سبق ذكرها) والمؤثرات الصوتية في المنطقة الطقسية هي التي تقوم بتعيين الحدث للمتلقي فـ "النساء الجالسات يوقعن على "الدربكة"." كما "تعلو زغاريد النساء عند سماع طلقات النيران" (النص، ص11).. ينتج صوت الدربكة مع صوت طلقات النار علامة للمتلقي على أن الحدث القائم هو عرس، كما يدل الوصف "طلقات النار تدوي بشكل غير منتظم" و"فتاة تدق "الهون" دقات منتظمة" (النص، ص13)، على أن الحدث القائم هو سبوع، وذلك استكمالاً للجو الميتافيزيقي الذي يرسمه حجاج.
وتأتي أهمية العناصر المسرحية من صوت وإضاءة وحركة في هذه المنطقة الطقسية وخاصة السبوع، لتضائل حجم الجمل الحوارية والاعتماد الأساس على العناصر المسرحية لإنتاج علامات البهجة والفرح.
يستخدم حجاج المؤثر الصوتي لوقع حوافر حصان، مع الحوار المسرحي، لتعيين قدوم خطر:

(يلتفت بشاي تجاه المدخل عند سماع وقع حوافر حصان.. تتغير ملامحه ثم يهب واقفًا)
حربي: (بوهن) خبار يا مقدس؟ تلاقيه الحاج..
بشاي: لأ.. ده شر.. شر يا حربي (يتقدم صارخًا) إبعد يا شر.. إبعد يا حنين.. إبعد يا يهوذا.. عليك لعنة الرب..
(تنطلق رصاصة لا تصيب حربي الذي يخرج مسدسه ويصوبه نحو الخارج ويطلق رصاصة فتدوي صرخة حنين ويرتبك وقع حوافر الحصان إذ يجمح بعيدًا) (النص، ص44)

كما يستخدم صوت الدقات الكنائسية مع العناصر المسرحية الأخرى لتعيين وقوع وفاة (وفاة حربي): "القرية جميعها فضاء/ دقات كنائسية منبعثة من الدير/ نوافذ القرية تضيء في شجن.." (النص، ص46).. يؤكد حجاج على الحدث الحزين بأن يختم المشهد بـ "خفوت تدريجي مع موسيقى جنائزية"

يصف حجاج أكثر من مرة في النص المسرحي، صوت الخيول وإطارات العربات علامة على قدوم أشخاص، كما يعطى هذه المؤثرات وصف آخر يدل على اقتراب أو ابتعاد مسافة الأشخاص القادمين:

(صوت حوافر خيل العربة يقترب) (صوت حوافر الخيل وطارات العربة يعلو ثم يتوقف فجأة..) (النص، ص24)
صوت حوافر خيل وإطارات عربة- مؤثر صوتي يعلو وينخفض.. (النص، ص33)
(يزداد مؤثر صوت العربه وحوافر الخيل ثم ينخفض مع خفوت الإضاءة تدريجيًا..) (النص، ص33)
(مؤثر صوتي لصهيل خيول وحوافر تتوقف حركتها بسطوع أضواء النوافذ في القرية حيث تطل وجوه شاحبة..) (النص، ص36)

يختتم حجاج المنطقة الطقسية بإنتاج علامة هامة بتحديد اللحظة الخاصة بانتهاء الفرح ليحل محله الشقاء، فبعد أصوات البهجة (الأدائية والمؤثرات الصوتية) ينتهي سبوع حسان و "..تهب صفية بعصبية وتصرخ في حربي الذي يندهش
قلت ماعيزاش أركبه.. ماعايزاش
(يتجمد حربي/ صمت/ طلق نار مدوي)" (النص، ص14)
إن التقابل بين وصف حركة صفية بـ (تهب)، إضافة إلى وصف أدائها الصوتي بـ (تصرخ)، ووصف حركة حربي بـ (تجمد) وأدائه بـ (يندهش) ينتج علامة على بداية الأزمة والانقسام إلى معسكرين معسكر صفية، ومعسكر حربي. ثم يأتي التقابل بين (صمت) والمؤثر الصوتي (طلق نار مدوي) لينتج علامة على أن صفية أطلقت الرصاصة الأولى المدوية التي تحول مصير الشخصيات جميعًا فيما بعد (موت القنصل، سجن حربي، جنون صفية).

الغناء.. الترانيم.. العديد: استعان حجاج بكاتب الأغاني ياسين الضوي، في نص "خالتي صفية والدير"، لكتابة الغناء والترانيم والعديد التي تعد جزءا هامًا من نسيج النص، فإن (الصعيد) مكان الأحداث يحمل في تراثه الكثير من الأغاني التي تنتشر في الأفراح والمناسبات السعيدة، كما يعد العديد في حالات الوفاة هو جزء أساس من المراسم الجنائزية وواجب يقدمه الجيران لأهل الميت. أما الدير والذي تدور فيه بعض اللوحات/ المشاهد، فتنبعث منه في أوقات الصلاة أصوات الترانيم مع أصوات الأجراس الكنائسية.
ورغم أن الأغاني والترانيم والعديد، يعتمد كل منها على الكلمات- التي لم يكتبها سعيد حجاج- إلا أن الدارسة قد وضعتها ضمن نص الصوت حيث أن لكل منها إيقاعاته الموسيقية التي تنتج حالة سمعية مختلفة، فموسيقى الأغاني وخاصة أغاني الأفراح تبعث حالة من البهجة في نفس المتلقي، وصوت الترانيم يبعث حالة من الشجن والقدسية على الكلمات، وأخيرًا إيقاع كلمات العديد يبعث حالة من الحزن والرهبة في نفس المتلقي. وإن اختيار استخدام أي من هذه الأشكال الصوتية في الأماكن التي استخدمت فيها داخل النص هو من صميم عمل الكاتب المسرحي، يوضح من خلالها دلالات معينة يريد أن يوصلها للقارئ لإنتاج معنى محدد.

وجدت الدارسة أن المنطقة الطقسية تحفل بأغاني(العرس والسبوع) والتي تحمل الطابع الفولكلوري والتي تحدث حالة من البهجة من ناحية، وتهيئ المتلقي للتحول الدرامي بعدها من ناحية أخرى، وتضفي الطابع الصعيدي الذي يماثل مكان الحدث من ناحية ثالثة.. ففي عرس صفية والقنصل تتغنى الفتيات بأغنية لمن يتم زواجها من رجل غني، والمقصود هنا صفية، حيث أن هذا التحول في حياة صفية من الفقر إلى الغنى، سوف يصاحبه تحول آخر على مستوى أفعالها تجاه الشخصيات الأخرى:

النساء: القصب.. القصب..
       القصب عايز ميه يا واد..
       محلاك يا بت يا بيضا.. لما العريس يخش
       يلقاكى بيضا.. بيضا ومبيضاله الوش
       داخل يديكى ريال.. طالع يديكى ريال.. (النص، ص11)

وفي حين أن بهاء طاهر يصف في روايته عرس صفية والقنصل بالمخيب للآمال:

.. فلم يكن هناك طبل ولا غناء واقتصر الأمر على عشاء في السراي وانطلقت زغاريد أمي وأخواتي وقلة من القريبات.. ورقص حربي في حديقة السراي رقصة التحطيب على أنغام مزمار واحد.. وغنى للبك القنصل أغنية مشهورة بدل فيها وحور ليقول في نهايتها "وقنصلنا سيد الرجال". (خالتي صفية والدير، ص39)

يسهب حجاج في وصف تفاصيل العرس و يختار لحربي أغنية تعبر عن علاقته الشخصية الوطيدة بخاله القنصل: "الورد وردى وسلطان البلاد خالي.. أترك الناس من بالى ويعيش خالي" (النص، ص11)
إن أغنية قنصلنا سيد الرجال يمكن أن يغنيها أي فرد وليس لها علاقة خاصة بحربي والقنصل، في حين أن اختيار حجاج للأغنية السابقة بها معنى علاقة التضحية من جانب حربي بأي شيء في مقابل حياة وسعادة خاله القنصل.. مما يعظم من تأثير المشهد اللاحق لتعذيب القنصل لحربي والذي ينتهي بقتل حربي له.
يستخدم حجاج الغناء في نص "خالتي صفية والدير" لعمل مقابلة بين حالتين، ففي اللوحة الثانية التي بها شحنة عاطفية عالية بين حربي وأمونه الغازية والتي كانت تغني له في اللوحة الأولى والثانية (حاربي قلبي) يكتب حجاج في نهايتهما: "إنتقالة إلى صفية وغنائها الذي تأتى كلماته معاكسة لغناء أمونه" (النص، ص3)
وصف بهاء طاهر في روايته هذا التقابل بين حالة أمونه الغازية العاشقة والتي تتغنى علنًا بحبها لحربي الذي يبادلها الحب، وبين حالة صفية التي تحب حربي سرًا ولا تصرح بحبها ولا هو يشعر بها. ويمكن القول، أن شخصية أمونه وظيفتها هو إظهار شخصية صفية وتحولاتها عن طريق التناقض الدائم بين الشخصيتين، وهي في ذلك تشبه شخصية إسمينا بالنسبة لأنتيجونا في مسرحية أنتيجونا لسوفوكليس. إذن فالتقابل هنا هام وله دلالة قوية في الرواية، وفي النص المسرحي.
يصف الراوي هذا التقابل في الرواية "ومع أن أغنية أمونه البيضاء كانت أغنية مرحة راقصة اللحن، إلا أن خالتي صفية كانت تجلس يومها على الأرض مقرفصة، ممسكة رأسها بين يديها وهي تغنى الكلمات ببطء، بلحن التعديد الحزين، وهي تميل بجسمها بشكل رتيب إلى اليمين وإلى اليسار." (خالتي صفية والدير، ص32)
ترى الدارسة، أن هذا الوصف للتقابل بين حالتي أمونه وصفية، في الرواية، أقوى من الوصف الموجود في النص المرافق لدى سعيد حجاج.. فكون صفية تغنى كلمات معاكسة لأمونه كما ورد في النص المسرحي أقل تأثيرًا من وصف حركة صفية (القرفصة، ممسكة رأسها، والتمايل بشكل رتيب) مع صوتها الذي يغنى نفس كلمات أمونه (ببطء، بلحن التعديد الحزين) وهو وصف بصري وصوتي كان يمكن لحجاج استغلاله مسرحيًا بشكل أفضل.
جعل حجاج، صفية في نهاية النص، وهي تهذي بعد علمها بوفاة حربي، تدندن بأغنية أمونه الغازية: حربي قلبي.. حربي قلبي، كعلامة على عودتها إلى مشاعرها الحقيقية وهي حبها لحربي، مما يترك للمتلقي مجالاً لتفسير ذلك التحول القوي الذي أصاب صفية من حب شديد إلى الانتقام من حربي، فهي تنبع من جرح عميق لعدم رغبة حربي بها. تكون أغنية حربي قلبي هو آخر ما تنطق به صفية، في النص، ثم يكتب حجاج (خفوت تدريجى مع موسيقى جنائزية) كعلامة على موت صفية هي الأخرى. (النص، ص46)

استخدم حجاج المقابلة مرة أخرى، لا بين غناءين، بل بين الغناء وتوقف الغناء، في لوحة سبوع حسان ".. والنساء على الأرض قبالتها يغنون.. يتوقف الغناء بدخول حربي عليهن متوجهًا إلى حيث تجلس صفية" (النص، ص14)
إن توقف الغناء المقرون بدخول حربي ينتج علامة لدى المتلقي عن شعور صفية تجاه حربي، حيث تعتبره السبب في تغير سعادتها المتمثلة هنا في حالة البهجة المتولدة من الغناء.

وإذا كان حجاج قد استخدم الغناء في عمل مقابلة بين حالتين مختلفتين، فإنه قد استخدم الغناء في توحيد حالة شخصيتين، وتعني الدارسة، بين حربي وأمونه، إذ أن التحول الدرامي في مصير شخصية حربي من السعادة إلى الشقاء أحدث تحول في مصير شخصية أمونه أيضًا من السعادة إلى الشقاء، فيحدث حجاج مزجًا أو تضافرًا بين غناء أمونه وحربي والذي ينتهي بنفس المقطع الغنائي:

حربي: (يغني) (...)
       ألوم أنا ع الناس.. واللا ألوم على حالي
       ألوم على قلبي اللي كان عمران صبح خالي
    وإذا أظلم القلب.. تروحوا فين يا مبالي
(...)
لا زلنا نرى أشباح حربي والمطاريد والأب وبشاي ولازلنا نسمع غناء حربي خافتًا/ تظهر أمونه تحت بقعة ضوء.. أو تجول في القرية ذات الإضاءة الخافتة المتهامسة بشتاتها/ أمونه تغني بشرود وغناؤها مضفر بغناء حربي.. (بلا عزف موسيقي لحني)
أمونه: (تغني) (...)
       راح ألوم أنا ع الناس.. واللا ألوم على حالي
       ألوم على قلبي اللى كان عمران صبح خالي
       وإذ راح زماني ومالي.. أروح على وين يا مبالي (النص، ص40)

وتحول الغناء المعروف بمصاحبته لموسيقى، إلى غناء (بلا عزف موسيقي لحني)، هو تحول من الغناء إلى ما يشبه العديد، وخاصة أن كلمات الأغنية التي اختارها حجاج هي كلمات بها حسرة على النفس وإحساس بالضياع وهي تشبه الكلمات التي تستخدم في العديد للتحسر على الغائب.. ثم تتصاعد حالة أمونه بوفاة حربي فيصفها حجاج كالآتي: "بقعة ضوء على أمونه الهائمة تغني في شرود" (النص، ص45)

يستخدم حجاج، في نص "خالتي صفية والدير"، الترانيم الكنسية بحالتيها، إعلان البهجة بقدوم العيد: (تبزغ بقعة ضوء تدريجيًا بزوغًا مقرونًا بتصاعد ترانيم كنائسية أثيرية..) (النص، ص4)
والعيد هنا هو العيد الصغير (عيد الكحك) الخاص بالمسلمين، ولكن يستخدم حجاج هنا الترانيم الكنائسية كعلامة على التوحد بين المسلمين والمسيحيين في زمن الأحداث.
ثم يستخدم حجاج الترانيم الكنسية بحالتها الثانية، وهي حالة الحزن والجنائزية، حيث ترتبط الترانيم بالمراسم الجنائزية، كما ترتبط بالأعياد. فبعد أن يحاول حنين المسيحي أن يقتل حربي المسلم وهو في حمى الدير، يحزن المقدس بشاي ويتذكر خيانة يهوذا للمسيح "بشاي: (لاهثًا بشدة) إبعد يا حنين عليك لعنة الرب.. إبعد يا خارج من حظيرة الرب.. إبعد يا يهوذا (بشاي يترنم بشجن)" (النص، ص44)
ثم يستخدمها مرة أخرى بعد وفاة حربي: "الأب: إنا لله وإنا إليه راجعون.. إنا لله وإنا إليه راجعون (يكررها باكيًا بينما بشاي يترنم مع دقات كنائسية ممتزجة ببكاء الفتى)" (النص، ص45)

كذلك يستخدم حجاج العديد، والعديد من الأشكال الطقسية الهامة في صعيد مصر، وقد استغل حجاج مشاهد وفاة القنصل وجنازته لاستخدامه، على لسان صفية وعلى لسان النساء اللائي يقمن بالواجب تجاهها.. وقد اعتمدت لوحة جنازة القنصل بالكامل (النص، ص31) على العديد ما بين صفية والنساء اللائي أصبحن كورس بالنسبة لها.
توقفت الدارسة عند العديد الذي أطلقته صفية بعد علمها بوفاة القنصل، حيث ينطوي على رغبة قوية في الانتقام أكثر من الحزن على الفقيد:

صفية: (تدور حول نفسها وهي تحمل ابنها..)
       إتنين عليك واتنين ع النخلة
       خدوك يا حبيب ساعة الغفلة
       مين اللى صب الحزن ف كاس وزقاهولي
       يا مين على حدة سكين يجيبهولي
       مين اللى زاد مري مرين وكيل لي
       يا مين حيزقيني دمه ويشهد لي (النص، ص28)

ينتقل حجاج، في نفس اللوحة، بعد أن تحمل صفية رضيعها مسئولية الانتقام لأبيه،  ينتقل من العديد إلى تلاوة المقدس بشاي بصوت رنان مع صوت الأجراس الكنائسية:

(أجراس كنائسية وبقعة ضوء تسطع بطيئًا على الدير/ المقدس بشاي يتلو من كتاب بصوت رنان..)
بشاي:.. ولا تدينوا كى لا تدانوا.. لأنكم بالدينونة التي بها تدانون.. وبالكيل الذي تكيلون يكال لكم
(عودة إلى صفية وهي تهدهد حسان في زمن متأخر عن السابق)
صفية: أبوك كان سيد الناس يا حسان.. كان ملك.. كان إيه يا ولدى؟ كان ملك.. قول أبويا ملك.. أبويا ملك (النص، ص28)

ورغم أن حجاج وصف صوت المقدس بشاي بالرنان، وربط صوت صفية بالهدهدة، إلا أنه بالنظر إلى كلمات كل منهما نجد أن هناك تقابل بين الحالتين، فالمقدس بشاي يتلو بصوت رنان (يترنم) تعاليم مسيحية تدعو إلى التسامح، في حين أن صفية تهدهد حسان لبث روح الانتقام فيه.
كما انتقل حجاج من العديد إلى الترنم إلى الهدهدة، في المقطع السابق، يمزج في لوحة أخرى بين صوت عديد صفية وصوت تأوه حربي الذي يتغنى بموال يتنبأ فيه بموته:

 صفية: يموت؟! واه.. نقول إيه للقنصل يا حسان.. نقول مات وحديه وماخدناش بتارك ولا طفينا نارك؟
(يختلط عديدها بتأوهات حربي حتى تخفت بقعة صفية)د
بشاي: هه.. حاسس بإيه يا حربي؟
حربي: استعصت عليه حيلتى   قال لى الطبيب ما تجيش
       داءك غـلـب حيلتى   كام في الهم مات.. جيش (النص، ص43)

2-3 نص الحركة:
يقدم الكاتب المسرحي اقتراحاته بشأن حركة الشخصيات على خشبة المسرح، هذه الاقتراحات تكون لها علامات تعبر عن وجهة نظر الكاتب تجاه الشخصية وأفعالها.
ونظرًا لاهتمام سعيد حجاج في نص "خالتي صفية والدير" بالنص المرافق الذي يحتوى على الإضاءة والصوت والحركة، كما أوضحت الدارسة من قبل، فإنه يمكن رصد نص الحركة في النص وتبيان العلامات المقصودة منه.
وقد وجدت الدارسة أن وصف حركة شخصية صفية بالخصوص به نوع من التشابه مما ينتج علامات للمتلقي تكون بمثابة تفسير لأفعال الشخصية. حيث يتسم وصف حركة شخصية صفية، في النص المسرحي "خالتي صفية والدير"، بالدائرية، بداية من موافقتها على الزواج من القنصل، رغم حبها لحربي:

.. يبدأ القنصل وصفية في دوران راقص/ تتغير الإضاءة لنرى حربي يراقص صفية في خيالها بدلاً للقنصل.. (...)
صفية: علمنى.. علمنى اقول زيك يا حربي.. علمنى..
(تكرر جملتها الأخيرة وتتغير الإضاءة لنجد القنصل وحربي قد اختفي بينما صفية تحتضن الهواء وتدور في حركة راقصة بطيئة..)
القنصل: مالك يا صفية.. شردت فين؟!
(صفية تتجمد وهي  تحملق في القنصل الذي يتقدم نحوها ويحتضنها) (النص، ص12)

بداية، إن اختيار حجاج لحركة الدوران الراقصة، هي غريبة على الطقوس الصعيدية، حيث هي شكل غربي ومن الممكن استخدامه في المدينة في طبقة اجتماعية عليا. لكن فعل الدوران في حد ذاته، والذي سيصاحب شخصية صفية في اللوحات اللاحقة في النص المسرحي، يمثل في حد ذاته علامة هامة تساعد المتلقي في فهم شخصية صفية، حيث هي بالتأكيد لم تكره حربي فجأة وتحب القنصل، بل هي تحمل بداخلها حبها لحربي، وهي في ذات الوقت تكرهه لجرحه كبريائها حين طلبها لخاله القنصل. هذا التناقض في مشاعر صفية تجاه حربي، تعبر عنه الحركة الدائرية لشخصية صفية، حيث هي في حالة حيرة بين الحب المكتوم والقوة الزائفة الظاهرة. وفي هذه اللوحة تكون العلامة واضحة للمتلقي فهي تدور حول نفسها وتتأرجح بين حربي في خيالها وبين القنصل في واقعها.
ويأتي التناقض بين حركة صفية (حركة راقصة بطيئة) وهي تتخيل حربي تلك الحركة التي بها مشاعر رومانسية، وبين حركتها (تتجمد) عندما ترى أمامها القنصل الذي لا تحبه، ليؤكد على أن صفية تحب حربي ولكنها تتزوج من القنصل انتقامًا لكبريائها، مما يفسر كل ما تقوم به من أفعال عنيفة تجاه حربي فيما بعد.
يظل وصف حركة شخصية صفية بالدائرية ملازمًا لها في أكثر من موضع، حيث ينتج علامة على ضياع صفية واقترابها من الجنون:(يضيء أكثر من مكان في القرية وصفية تدور هنا وهناك..) (النص، ص34). (يخرج ويزداد شرود صفية التي ترقص رقصة مجنونة وهي تهذي) (النص، ص29)
هذه الحركة الدائرية لصفية حول نفسها، في النص، والتي تتصاعد لتجعلها في حالة هذيان وجنون كما يصفها حجاج، تلتقي مع وصف بهاء طاهر لصفية عندما يذهب إليها الحاج ليثنيها عن تسميتها حمارها باسم حربي ".. كانت تولول وكأنها تغنى وهي ترقص رقصتها الجنونية: "حربي حماري.. حماري حربي.. والحاج يريد أن يأخذ منى ثأري (...) كانت صفية تواصل هذيانها وهي تدور حول نفسها يتفصد منها العرق الغزير ولكنها لا تكف.. (خالتي صفية والدير، ص75)
وقد استخدم حجاج هذا الوصف لحركة صفية في نفس السياق السابق، ولكنه أكد عليه بتكراره أكثر من مرة كما سبق وذكرت الدارسة.

استخدم حجاج نص الحركة بشكل واضح لعمل طقس مخيف تؤديه شخصية صفية، كما استخدم من قبل الصوت بشكل مكثف في المنطقة الطقسية المبهجة. وقد وصف بهاء طاهر التحول الذي أصاب شخصية صفية بعد موت القنصل قائلاً: "وهكذا أصبحت صفية الجميلة التي كان يشتهيها كل الرجال هي الخالة صفية التي يرهبها الناس." (خالتي صفية والدير، ص69). وقد حول حجاج هذا الوصف إلى حالة طقسية مخيفة بعد وفاة القنصل "إضاءة شاحبة على معظم وجوه أهل القرية ونسائها المتشحات بالسواد كما لو كن ساحرات ماكبث/ صفية في المركز تبدو ككبيرة الساحرات/ نرى تابوت (نعش) القنصل في مكان ما/ الفتى بين صفية والنعش يقف جامدًا/ الجميع يردد خلف صفية بصوت خفيض" (النص، ص 32 )
هذا الوصف لنساء القرية بساحرات ماكبث، ولصفية بكبيرة الساحرات يعطى إحساسًا بالرهبة تجاه شخصية صفية، ويصبح ترديد الجميع لعديد صفية بصوت خفيض أشبه بطقس سحري، يتصاعد خلال اللوحة:(تدور صفية حول النعش وقد علا صوتها والجميع يدور حول نفسه كل في مكانه بتصفيق رتيب- عدا الفتى يقف جامدًا كما هو) (...) (حركة الجميع تزداد إيقاعها بينما تخفت الإضاءة تدريجيًا) (النص، 32)
إن حركة صفية الدائرية حول النعش، مع دوران الجميع حول نفسه والتصفيق الرتيب، ثم تصاعد إيقاع الحركة والصوت يشبه طقس الزار الصعيدي، دون أن يفقد طابعه السحري باستحضار روح القنصل الذي يناجي صفية باعتبارها الساحرة التي تستحضره.
وجدير بالذكر، أن حجاج يستخدم المقابلة مرة أخرى، بين حركة صفية والجميع، وبين جمود الفتى. يكون الجمود هنا علامة على رفض الفتى لكل ما يحدث، في حين يوافق الجميع على ما تفعله صفية باعتبار الثأر واجب حتى لو كان القاتل (حربي) مظلومًا.

ارتبطت حركة صفية أيضًا بوليدها فيذكر حجاج أكثر من مرة في النص، احتضانها له، علامة على ارتباطها الشديد به، ليس ارتباطًا عاطفيًا كما يبدو من الاحتضان وإنما كأنها تحمل سلاحها أو أداتها في الانتقام من حربي بتأليب القنصل عليه مستخدمة حبه وخوفه الشديد على الولد الذي حظي به على كبر، ثم بتربيته على الثأر لأبيه بعد مقتله.

يأتي وصف حركة صفية، عند سماعها خبر وفاة حربي في الرواية، مليء بالتفاصيل:

ولم تبق خالتي صفية طويلاً بعد رحيل حربي.
قيل أن النبأ نقل إليها وكانت تقف في فناء الدار وإلى جوارها حسان فالتقطته من الأرض وهي تصرخ صرخة هائلة ثم رمته بعزم قوتها نحو الحائط ولولا أن تلقفته واحدة من الخدم لتهشم رأسه.
قيل إنها جلست بعد ذلك على الأرض وقالت في همس: مات ميتة ربنا؟.. مات ميتة ربنا؟ (...) ثم قيل أنها قامت بعد ذلك ودخلت إلى غرفتها ولم تنطق بشيء بعدها ولم تذق طعامًا أو شرابًا. (خالتي صفية والدير، ص137)؛ (التشديد من قبل الدارسة)

في حين اكتفي سعيد حجاج بوصف حركة صفية كالآتي: ".. صفية تطوف في القرية في شبه هذيان" (النص، ص46).
إن ذلك الفعل العنيف من صفية تجاه رضيعها في الرواية، يؤكد على ما ذهبت إليه الدارسة من قبل أنها كانت تعتبره أداتها للانتقام من حربي، وبمجرد انتفاء الغرض منه (رمته)، وعادت إلى مشاعرها الوحيدة الحقيقية تجاه الرجل الوحيد الذي أحبته (حربي).
لم يكن وصف حجاج لحركة صفية في النص في تلك اللحظة بنفس قوة وصف بهاء طاهر لها في الرواية.. فقد اختار حجاج تخفيف قسوة فعل ضرب الرضيع في الحائط حيث أن قوة التأثير تتضاعف لدى المتلقي في المسرح عندما يرى الفعل ماثلاً أمامه، عن القارئ الذي تفصله مسافة نفسية عما يقرأه، ولكنه في نفس الوقت لم يضع بديلاً قويًا يضاهي قوة وصف بهاء طاهر.

ختامًا، ترى الدارسة أن سعيد حجاج قد حافظ في نصه المسرحي "خالتي صفية والدير" على نفس العلامات التي تنتجها الرواية، مستعينًا بالعناصر المسرحية البصرية والسمعية، والتي احتلت نصف النص المسرحي، كبديل عن السرد في الرواية. وقد استفاد في كثير من الأحيان من الوصف الحركي والصوتي الموجود بالرواية وأضاف عليه الكثير مما لا يخل بالمعنى الموجود في الرواية.
كما وجدت الدارسة أن سعيد حجاح قد استفاد من مكان الأحداث (الصعيد) لعمل مشاهد طقسية، اعتمادًا على التقاليد والعادات والموروث الشعبي الصعيدي (الزار، العديد، طقوس الزواج والسبوع) لكي يمتع المتلقي ولتعمل هذه المناطق على التخفيف من حدة العنف والميلودرامية التي تغلف الرواية والنص معًا، فتصبح بمثابة متنفسًا له.
يمكن القول، إذن، أن نص "خالتي صفية والدير" هو مسرحة أمينة لرواية خالتي صفية والدير، حيث أن حجاج لم يضف تفسيره الخاص للرواية وإنما وضعها للقارئ/المتلقي بنفس معانيها مع الوضع في الاعتبار تقنيات العرض المسرحي، لتحقيق الفرجة المسرحية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

من برنامج المسرح فى الصعيد ---قناة طيبة

من برنامج المسرح فى الصعيد تجربة مسرح المقهورين باسوان اخراج سحر جروبى . برنامج المسرح فى الصعيد رابط المشاهدة   ...