الأحد، 28 أبريل 2013



مسرحية


ليلة عرس سوداء


تأليف
سعيد حجاج


المشهد الأول

مكان ما سلطوي الشكل تجريدي إلى حد ما .. رجل في الخمسين يتلقى أوامر الرئيس ....
الرجـل
:
لكنه لم يفعل شيئاً
الرئيس
:
وأنا على يقين من هذا
الرجـل
:
لماذا أذن تهدر يقينك ؟
الرئيس
:
نفذ فقط ما أمليه عليك
الرجـل
:
لكنه لم يفعل شئاً
الرئيس
:
للمرة الأولى التي تنتقد فيها وليمة مقدمة إليك مع أنها ليست منفرة إلى هذا الحد
الرجـل
:
دعني هذه المرة .. لست في كامل قواي الأن .. فقط عندما أسترد بعضاً مما فقدت .. سوف أواصل
الرئيس
:
يجب أن تدخل إليه الأن
الرجـل
:
الأن .. ؟ ليس لدي شئ الأن
الرئيس
:
ترفض ؟
الرجـل
:
أفكر
الرئيس
:
فيم .. ؟
الرجـل
:
في النهوض
الرئيس
:
فوق امامري .. ؟
الرجـل
:
فوق كل شئ
الرئيس
:
حتى أنا .. ؟
الرجـل
:
حتى كل شئ
الرئيس
:
وعكة حنونية قد فاجأت رأسك المعتل ..كيف تفكر في هذا بلا أدنى تفكير في موقفك أنت ؟
الرجـل:
:
لأنه لم يفعل شئاً
الرئيس
:
أتتك الحكمة الأن .. ؟ كلهم لم يفعلوا شيئاً .. فقط الأن .. وأنا في قمة نشوتي .. ؟ في قمة رغبتي في رؤية منظر جميل تبتهج به كل حواسي .. لوحة تشكيلية رائعة .. إنك لا تستطيع تصور النشوة التي أنتشيها والتي إعتدت عليها إنها روتيني اليومي .. قوتي الدافعة .. بدونها لا أستطيع خوض هذه الحياة ..
الرجـل
:
إلى هذه الدرجة .. ؟
الرئيس
:
إلى أكثر من هذه الدرجة .. عليك بترك هذه الفكرة الطفولية .. أنت أكبر من هذا .. كلهم لك يفعلوا شيئاً .. لكنهم يملكون نية الفعل .. الأعمال بالنيات .. وأنت تعرف هذا .. أليس كذلك  .. ؟
الرجـل
:
وماذا يضيرك لو أنهم فعلوا .. ؟ طالما أن هذا ليس شائها وليس ضاراً بشئوننا  ؟ دعهم يفعلون مايريدون
الرئيس
:
سأفقد إرادتي أنا
الرجـل
:
إنهم أبرياء لم يفعلوا شيئاً
الرئيس
:
إنهم يختبروننا .. فإذا ما وجدوا اللين والصبر والمثابرة الحمقاء .. ومايشبه تلك الأسماء البلهاء .. سوف ينقبلون فجأة إلى بضعة أشياء مفترسة .. إنهم اليوم كما ترى يملكون من الألفة ما يغطي كائنات العالم .. ومن يدريني أنهم سيحفظونها في ظل هذه الظروف القاتمة .. إنهم سيتركون الألفة ليتعلموا الافتراس كما تتعلم أنت الأن النهوض لتفترسني .. هذه فلسفتي
الرجـل
:
إنني أتعلم النهوض كي أعيش
الرئيس
:
كي تعيش لتفترسني .. ؟
الرجـل
:
أرجوك .. صدقني .. في المرة التي تشعر أنت فيها بالنشوة والتلذذ أشعر بالقبح يجتاحني من جميع الجهات .. أود لو أخرج من جسدي لأبصق علي .. ثم أعود عل البصقة تزيل بعضاً من قبحي حين تسقط .




الرئيس
:
إنك غريب هذا اليوم .. كل يوم نفس الوليمة تقدم إليك وأنت لا ترفض .. أحياناً أشعر إتك أبهج من هذا العالم .. وعندما تكون الوليمة نسائية أتيقن أنك بالفعل أبهج من في هذا العالم .. ماذا دهاك ..
الرجـل
:
ماذا تريد مني .. ؟
الرئيس
:
أن تحقق مشيئتي .. أنا أكره المناهضة والنهوض .. أكره أن ترد مشيئتي خائبة وأنت تعرف ذلك ولو كلفني هذا كل شئ وأي شئ .. ( موسيقى متوترة وفيها يستعيد قوته التي كانت منسية طوال الحوار )
شئ غريب .. أنت تناقشني وأنا أستمع إليك .. هل تعلم أنت الذي كنت تناقشني وأنا أستمع إليك ..  إنقلبت كل المعايير .. الحياة أصبحت لا تطاق .. أنت تناقشني وأنا أستمع إليك .. لا تتصور أنني طوال هذه الفترة كنت أفكر في شئ ما .. كالنهوض فوق أوامرهم .. وعليك ألا تتصور هذا .. لا تصدق للحظة واحدة أنني كنت أناقشك وعليك ألا تخبر أحداً بذلك .. ( مستدركاً الأمر ) هذا عار أنت دمية وأنا كنت أصنعك .. وأصنع رأسك وخيوط أطرافك .. ثم الأن تناقشني .. ؟ ماذا قرأت بالأمس .. ؟

الرجـل
:
لم أقرأ شيئاً
الرئيس
:
كنت مع من .. ؟
الرجـل
:
كنت وحيداً .. ؟
الرئيس
:
إنك تكذب .. كنت مع من .. ؟
الرجـل
:
كنت مع .. كنت مع نفسي
الرئيس
:
هذا أسوأ .. بم تحدثت إليك .. ؟
الرجـل
:
إنني قنفذ بشري أختبئ بالشوك منكم حتى أنني أخشى إصابتكم به
الرئيس
:
حسن جداً .. إدخل إليه الأن
الرجـل
:
( ينظر إليه مصعوقاً ) حسن جداً جداً .. لن لأدخل .. لن أفعل ..
الرئيس
:
هذا أمر
الرجـل
:
وأنا أرفضه .. أحتقره .. اشجبه .. أنا فوق رغباتكم الطنانة .. أنا الأن أخلع رأسي .. أمزق كل خيوطي .ز أعذرني .. عليك أن تقبل أسفي مقدماً .. أنت أحمق . كلكلم حمقى ..وكلكلم لا تستطيعون خلع رؤوسكم .. أو تمزيق خيوطكم العفنة .. كلكلم حمقى .. وأنا الرجل الوحيد هنا ..
الرئيس
:
( يهجم على الرجل ببعض آلات التعذيب الشهيرة ) حتى هذه الصفة ستفقدها

المشهد الثاني

الرجل بين النوم واليقظة بعد الحلم الذي ما زال يحاول التخلص منه في بيته الذي يحوي مقعداً فخماً واخر صغيرياً ...

الرجـل
:
لا تجلسوا فوق أنفاسي أيها الحمقى الأغبياء .. ممنوع التدخين .. لماذا تضحكون ؟ ممنوع التغلغل في نفسي .. راعو جميعاً أنني رجل مسن .. لا تظنوا أنني بفعل شيخوختي تصدر مني تخاريف .. أقسم لكم أنني سوف أثأر منكم جميعاً.. ياحمقى يا أفاقين يا ذوي النفوس الدنيئة ياذيول .. عليكم أن تمضوا الأن .. ولسوف أخلع رأسي وأنظر في المرآة ثم أبصق عليكم جميعاً .. إنني غريب .. غريب عني .. أنتم غيرتم كل شئ في نفسي .. لكني سوف أحاربكم جميعاً ..
( يرن جرس الباب .. يقوم الرجل على صوته منتفضاً وما زال في حيز الحلم )
من .. من إنتظر أرتدي ملابسي إنتظر .. فقط سأمسح المرآة
( يفتح الباب يرى شاباًوسيماً .. الثياب .. قريب الشبه بالرئيس .. يعتقد أنه أحد المهمين .. ينتابه خوف ما .. ذلك لأن الحلم ما زال يترك أثراً في نفسة .. يقابله بوجه حاقد وخائف )
الشاب
:
السيد والد سامية  .. ؟
الرجـل
:
( مستغرباً )
سامية .. ؟
الشاب
:
نعم
الرجـل
:
( يتمتم تائهاًَ وغير مستوعب )
سامية ؟ سامية ؟
( يدخل الشاب إلى المقعد المتهالك .. الرجل يشير له إلى الكرسي الفخم الكبير )
لا هناك .. تفضل هناك .. كلهم يجلسون هناك .. أنا فقط أجلس هنا .. تحت
الشاب
:
شكراً
الرجـل
:
العفو ياسيدي
الشاب
:
يبدو أن الوقت ليس مناسباً
الرجـل
:
( مفزوعاً )
لماذا ؟
الشاب
:
لأخطب سامية
الرجـل
:
من .. ؟

الشاب
:
سامية
الرجـل
:
( يقف مندهشاً .. تتغير ملامحه إلى الكبرياء .. ينتقل إلى المقعد الكبير )
إنه مناسب جداً .. حظك من السماء .. ليس من السهل أن تجد عندي وقتاً لأي شئ .ز فأنا مشغول جداً طوال اليوم .. لعلك تعرف جيداً المسئولية .. تصور نفسك مسئولاً عن مائتي شخص من نوع خاص .. ومكلافاً أن تعلمهم كل شئ .. التعقل .. التروي .. الاعتدال .. والانحناء أيضاً .. شئ مرهق للأعصاب .. شئ يجعلك تجن .. لكن الأن بالذات وقت مناسب جداً جداً
الشاب
:
متشكر .. أعانك الله
الرجـل
:
أرجوك لا تشكرني .. هذا واجبي يحتم على ذلك .. أنت تعرف أن الاجتهاد يسوق إلى زيادة الانتاج .. وأنا أسعى جاهداً إلى ذلك ..
الشاب
:
هل تسمح لي أن ..
الرجـل
:
( مقاطعاً ) أنا أسف لو كان بوسعي أن أصنع لك شيئاً كنت فعلت .. ولكن ها أنت تراني وحيداً بين الجدران الموحشة العفنة .. هذا المسكن أسكنة من عشرة أعوام فقط وأنت ترى موشك على الانهيار .. المسألة مسألة ضمير

الشاب
:
فعلاً
الرجـل
:
القدماء كان ضميرهم مستيقظاً للغاية للأن لم يسقط حجراً واحداً من أحجار الأهرام .. ضمير .. ضميرهم يجعلهم يشيدون بإتقان رائع
الشاب
:
نعم نعم .. ولكن أين سامية  ؟
الرجـل
:
(مستغرباً )
سامية ؟ آه عند جدتها .. مريضة
الشاب
:
سامية .. ؟
الرجـل
:
لا .. جدتها.. قاربت على التسعين
الشاب
:
لكنها وعدتني بأن تبقى اليوم لتقابلني
الرجـل
:
تقابلك ؟ أين ؟
الشاب
:
هنا
الرجـل
:
في الشقة ؟
الشاب
:
نعم ..
الرجـل
:
لماذا .. ؟
الشاب
:
لنتحدث إليك
الرجـل
:
عن أي شئ .. ؟

الشاب
:
عن الزواج
الرجـل
:
بدون علمي طبعاً .. وكأنني لست موجوداً .. أنا كائن في هذا الوجود حتى تتجاهلني .. وأنت لمذا ترغمها على أن تخبرني .. ؟
الشاب
:
أنا جئت لأحبرك
الرجـل
:
كم مرة تقابلتما .. ؟
الشاب
:
ولا مرة
الرجـل
:
كيف .. ؟
الشاب
:
ماذا .. ؟
الرجـل
:
كيف لم تقابلها .. أهذا هو معنى الحب .. الحصار التباعد ؟ يبدو أنك لم تحبها
الشاب
:
إنني أحبها
الرجـل
:
من .. ؟
الشاب
:
سامية .
الرجل
:
إخرس ياوغد
( يهم بضربه )
الشاب
:
أرجوك .. أنا أسف
الرجـل
:
إصنع لي شاياً .. اعشقه تقيلاً .. بسرعة

الشاب
:
حاضر ..
( يضع الشاي على الوابور وهو منحني )
الرجـل
:
تقول أنك لم تقابلها قط .. كيف رأيتها أذن ؟
الشاب
:
من النافذة
الرجـل
:
من النافذة ..؟
الشاب
:
( يهز رأسه بخوف شديد )
الرجـل
:
أنا أسف إذا كنت قد أخجلتك بعض الشئ بصنع الشاي .. ولكنك تعرف أن هناك اختبارات لابد من اجتيازها تماماً لكي تخطبها فقط .. أما عند الزواج فهناك اختبارات أخرى أنت تعرفها جيداً .. أنا أحب ابنتي ألم تقل لك ذلك .. بل أني أعبدها ولذلك ليس من السهل علي أو علفى أي أب محترم مثلي أن يفرط في ابنته دون أن يعلم شيئاً عن زوجها .. أخلاقه .. مستواه العلمي والثقافي .. عمله .. وسامته .. وأشياء أخرى تعرفها جيداً في إنجاح أي زواج مهمة جداً .. أما عن المستوى الاجتماعي والمالي لا يهمني بتاتاً ألم اخبرك أنني أكره الرأسمالية جداً .. وأنت ؟
الشاب
:
أكرهها
الرجـل
:
تكره ماذا ؟

الشاب
:
الرأسمالية
الرجـل
:
لماذا .. ؟
الشاب
:
( بعد تفكير ) لأنك تكرهها
الرجـل
:
توجد أسباب أخرى .. ؟
الشاب
:
( يهز رأسه بالنفي )
الرجـل
:
تكلم
الشاب
:
أقسم لك
الرجـل
:
أسكت تكره الرأسمالية .. أي أنك تكره الأغنياء .. تحقد عليهم
الشاب
:
أنا لا أحقد عليهم
الرجـل
:
نظام ممتع .. يجعلك تشعر بنشوة غريبة .. فتحت إيديك ألاف العمال تستطيع أن تحتسي دمائهم كالخمر المعتق من أيام الرومان .. أما الاشتراكية .. ما رأيك في الاشتراكية ؟
الشاب
:
الاشتاركية ؟
الرجـل
:
البروليتاريا الشعبية الكادحة .. الطبقة العاملة .. إنني اقدس الاشتراكية .. وأنت ؟
الشاب
:
إنني اقدس الاشتراكية
الرجـل
:
شحاذ حيوان .. وتريد أن تتزوج ابنتي ؟

الشاب
:
( مغتاظاً )
أنا لا أريد أن أتزوج .. أرجوك .ز باستطاعتي ان أرضى بقليلي .. لدينا وسادة جميلة .. سأعيش عازباً .. ما مساوئ العزوبية أكثر الناس هكذا
الرجـل
:
إشتراكيون ؟ ؟
الشاب
:
عذاب
الرجـل
:
كذاب .. لو كان الناس كما تزعم فكيف تكاثر هذا العدد الرهيب الذي يشاركني المرتب والخبز والأوتوبيس وحرية التنفس وحرية التنفس وحرية الكلام وحرية الــ .. إنني مخنوق ياسيد .. محترق 
الشاب
:
( متعاطفاً معه )
هون عليك ياسيدي .. أنا أسف
الرجـل
:
إغفر لي سفالة أفعالي .. أعذرني .. أنت مثل ابني تماماً .. مات منذ عشرة أعوام .. كان مريضاً .. يتقيأ دماً .. يومها طلبت الاسعاف .. لم تأت .. تصور من عشرة أعوام وأنا أنتظر الإسعاف لتحمل عني عذاباتي .. صعب هو الانتظار




الشاب
:
( متأثراً )
نعم .. نعم
الرجـل
:
نعم ماذا ؟ بالأمس سلبوا مني كل شئ حتى .. لأنني ما نفذت مشيئة الرئيس
الشاب
:
( متأثراً )
نعم .. نعم
الرجـل
:
نعم ماذا ؟ بالأمس سلبوا مني كل شئ حتى .. لأنني ما نفذت مشيئة الرئيس
الشاب
:
الئيس ؟
الرجـل
:
( مستدركاً )
أنا الرئيس بألمس كنت شامخاً أصدر أوامري .. أمزق كل خيوطي .. أخلع رأسي .. كنت بالأمس شامخاً 
الشاب
:
أنا لا أفهم شيئاً
الرجـل
:
وأنا ايضاً لا أفهم شيئاً .. كنت صغيراً يكسوني كل طموح العالم .. كنت أتمنى أن أصبح وأصبح وأصبح .. فأصبحت كما ترى قطة أو قل قنفذأ .. أنا صرت قنفذاً ياسيد ولكنني حين استيقظت من النوم .. أقسمت ألا أكون قنفذاً أو قطة مقهورة أو حتى أسداً مقهوراً ..
الرجـل
 
أقسمت أن أكون نسراً .ز أنا الأن نسر .. وسأمضي مزهواً بين الخلق 
الشاب
:
أرجوك إنني أحبها جداً وعندما رأيتها من النافذة صممت أن أخطبها .. لم أفعل مثل شباب هذه الأيام وأتسلل من النوافذ .. دخلت إليك من الباب .. أرجوك أن توافق إنني أحبها .. أطلب من ما تشاء
الرجـل
:
لما كنت صغيراً ما كنت أطلب شيئاً كالمال أو الحلوى .. كنت فقط أبغي أن أمشي مرفوع الرأس .. هزمتني الأيام السوداء العفنة .. أوقعتني مخالب هؤلاء الخونة الأوغاد سلبوا إرادتي المتواضعة  
الشاب
:
أستحلفك بكل شئ .. أنني أحبها .. صدقني واسألها حيت تجئ
الرجـل
:
من .
الشاب
:
سامية
الرجـل
:
سامية من ؟
الشاب
:
سامية
الرجـل
:
ما كانت تدعى سامية .. أمال كانت يانعة ونبيلة .. كانت تحبو فتضحك أيامي ..كانت تنسيني الزوجة .. ابني الميت والوحدة  أسفاً ماتت ذات صباح أغبر
الشاب
:
( مفجوعاً )
ماتت ؟
الرجـل
:
دهمتها العربة المجنونة .. كانت تسير بأقصى سرعة .. كانت مرسيدس حمراء وجميلة مازلت أذكرها .. أنت ألديك عربة مثلها ؟ مكيفة الهواء ومعطرة ؟
الشاب
:
نعم
الرجـل
:
تسير بأقصى سرعة ؟
الشاب
:
أحياناً
الرجـل
:
( كمن تذكر شيئاً )
أه أنت .. أنت قتلت ابنتي . إني أذكرك .. أنت
الشاب
:
أنا لم أقتل أحداً في حياتي .. لم أقتل أحداً
الرجـل
:
كذاب ومنافق
الشاب
:
أنا لا أكذب عليك .. ماالذي يجعلني أكذب ؟ سأموت بين يديك .. إتركني .. كان علي أن أسألها عنك .. إتركني ماذا فعلت لك ؟
( ينادي )
سامية
الرجـل
:
أسكت .. الجيران بوسعهم أن يأتوا الأن

الشاب
:
فليأتوا ليخلصوني منك .. سامية سامية
الرجـل
:
سامية ابنتهم في النافذة المجاورة
الشاب
:
الحمراء .
الرجـل
:
ماذا تقصد ؟
الشاب
:
النافذة الحمراء .. كنت أراها دائماً فيها .. يبدو أن الفرحة التي ألمت بي أنستني الشقة .. النافذة الحمراء .. أنا أسف نافذتك أنت أيضاً حمراء
الرجـل
:
ماذا تقصد ؟
الشاب
:
لا أقصد شيئاً أنا أسف
( يحاول الخروج )
الرجـل
:
أرجوك لا تبلغ عني .. ليس معنى أن نافذتي حمراء أنني أحبها .. لكنها الصدفة البحتة .ز صدقني إنها الصدفة البحتة .. أنا لا أعتنق هذه الفكرة الحمراء مطلقاً
الشاب
:
الصدفة البحتة ؟
الرجـل
:
أقسم لك أنني أكرهها جداً .. انني لا أكذب عليك
الشاب
:
لكنني




الرجـل
:
( مقاطعاً )
أعرف مضطراً أن تبلغ عني .. أنا لا أنتمي إلى أي تنظيم .ز أنا أرفض كل شئ .. قلت لهم لا تلونوها باللون الأحمر .. لون كءيب كالدم .. طوال عمري أتقزز منه إنني أكره اللون الأحمر ياسيد ..
الشاب
:
هناك سوء تفاهم قد حدث
الرجـل
:
ليس سؤ تفاهم .. لا تصفه بهذا .ز أنا لا أكذب .. إسترح سأعد لك الشاي والقهوة وكل شئ .. فقط لا تبلغ عني .. سوف يعيدون كل الخيوط التي مزقتها .. أفكارهم الوقحة ستدخل رأسي مرة أخرى .. إسترح .ز سأفعل كل شئ .. فقط لا تبلغ عني .. أرجوك لا تبلغ عني .. لا أريد أن أعود إليهم
الشاب
:
يجب أن أرحل الأن
الرجـل
:
إنتظر فليلاً سأحضر لك شيئاً مثلجاً .. تفضل ياسيدي
الشاب

( ينتظر على المقعد )
الرجـل
:
( يحضر حبلاً من الداخل ويحاول أن يقيده )
الشاب
:
ماذا تفعل ؟ مرة اخرى عادت إليك نوبة جنونك ؟ سأبلغ عنك إتركني

الرجـل
:
تبلغ عني ؟ لن أتركك .. أنت وقح مثلهم .. نفس ملامحهم الآفاقة وأفكارهم القذرة .. تظل خانعاً حتى تمسك كل الخيوط بيديك تريد أن تحركني .. أقسمت أن أنتقم منهم جميعاً ومن في مثل ملامحهم وأفكارهم
( يخنقه فتحدث إغماءة خفيفة )
اللعنة .. أقسمت أن أجعلهم يتعقلون .. يتركون العمامة ذوي الأفكار البريئة .. إنهم يملكون نية الفعل .. وهذا القذر لا يملك نية الفعل .. التليفون كان يجب عليهم هؤلاء الأوغاد أن يدخلوا لي تليفوناً أو يسلموني جهازاً للإرسال .. ماذا أفعل ؟
( تطرأ على رأسه فكرة )
أه .. رجل يقتحم على الحجرة ويدعي أن لي إبنة تدعى سامية .. إنه يريد قتلي مثل أمال ابنتي الجميلة ذات العشرة أعوام .. أه الراديو .. سوف أخبرهم بالراديو .. أليس يخبروننا بالراديو ؟ 
الشاب
:
فك قيودي
الرجـل
:
حالاً حالاً
( يضربه على راسه بالراديو )
ثم تبلغ عني لمجرد أنني تركتهم يدهنون النافذة باللون الأحمر ؟
الرجـل
 
سوف ترى فعل حماقتك الأن .. سوف ترى
الشاب
:
( يمسك الرايو كحهاز إرسال ويتحدث )
أنا أنا .. أنت تعرفني جيداً أليس كذلك ؟ قبضت على رجل سياسي خطير لا يعجبه أي شئ .. إنه يكره اسعار البطيخ .. ويقول أن الأسواق ملأى بالكوسة .. عليك أن تعلم أنها كلمات مجنونه وتخريبية .. القذر لا يركب أتوبيساً ويحرض على نسيانة
الصوت
:
فليتكلم كما يشاء
الرجـل
:
كيف ؟ أنه يكره الاشتاركية
الصوت
:
ونحن أيضاً نركهها
الرجـل
:
إنه يكره الرأس مالية
الصوت
:
جاءت أوامر أن نكرهها الأن
الرجـل
:
كنت اسمعكم تحبون الاشتاركية وبعد ذلك الرأسمالية .ز مذا تكرهون الأن ؟
الصوت
:
نحن لا نكره شيئاً
الرجل
:
إنه يكره كل شئ .. يكره كل شئ .. هل تحبون الفوضى ؟ كنت أسمعكم تتكلمون في هذه الأمور كثيراً .. أرجوكم تعالوا أنا هنا أقطن في شارع 10 وفي منزل رقم 10 ومن عشرة أعوام أنتظر أن تكفوا عني .. صارت أحلامي قنفذاً يختبئ بالشوك منكم .. هو عندي الأن .. شاب يافع ووسيم مثلي
( مستدركاً )
أسف قبل أن تلوثني اليام الحمقاء وأدخنة العربات وضجيج الأشياء الوقحة .. وأنت .. .. لا فائدة ؟ طز .. كلكم ضدي أنا وحدي .. وضد التائبين من العمة .. وهذا الوغد من الخاصة .. ولأنه كذلك إنقلبت كل قوانينكم ..  صارت في صالحه .. ليس مهماً على كل حال .. امامي الكثير .. أمامي ؟ما الذي أمامي ؟ لكنني سوف أحتفظ برأسي الرافض كل قوانينكم البشعة .. تعذيبكم الأبشع من أبشع شئ بشع .. قم .ز ألن باستطاعتك أن تبلغ عني وتعلن أرائي الكبوتة على الملأ .. وأنني سوف أحتفظ برأسي الجديد رغم كل شئ ..
( ينهرة بشدة )
قم واعلن لهم ما قلت .. ماذا ؟ خرجت روحك من جسدك ؟ من سيعلن لهم أرائي ؟ من سوف يداهمهم بهذا الخبر القاتل .. إنني أحتفظ برأسي الخاص .ز وأفكاري الخاصة ؟ وأنني تخلصت من كل خيوطهم ؟ مت ؟ لمذا مت الأن ؟ حتى أنت ضدي .. يجب أن تكون ضدي فأنت مثلهم وغد .. سوف يأتون الأن .. وسوف يرعرضون علي أن يبرئوني مقابل إعادة رأسي لما كانت علية .. لن أعطيكم هذا الرأس مرة أخرى .ز أيها الحمقى .. كلكم هراء .. أما أنا سا؛تفظ برأسي
( للجمهور )
وأتركها وديعة لديكم أنتم .. أما هم فليسفحوا الدموع لأنني أوقفت لذاتهم العفنة
( يشنق نفسه بالحبل )


إظلام


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

من برنامج المسرح فى الصعيد ---قناة طيبة

من برنامج المسرح فى الصعيد تجربة مسرح المقهورين باسوان اخراج سحر جروبى . برنامج المسرح فى الصعيد رابط المشاهدة   ...