الأحد، 28 أبريل 2013

مناقشة العشاء الاخير باتحاد الكتاب


ندوة باتحاد الكتاب ... تناقش المجموعة المسرحية "العشاء الأخير" لسعيد حجاج.
د هناء عبد الفتاح: سعيد حجاج يكتب وهو جالس على خشبة المسرح.
تابعها : مهدى محمد مهدى

داخل قاعة يوسف السباعى باتحاد كتاب مصر, أقامت شعبة المسرح بالاتحاد ندوة لمناقشة المجموعة المسرحية "العشاء الأخير" للكاتب سعيد حجاج, أدار الندوة الدكتور مدحت الجيار, وشاركه المنصة لمناقشة المجموعة, كل من الدكتور هناء عبد الفتاح والناقد أحمد عبد الرازق أبو العلا, والناقد صلاح الحلبى, وفى حضور مجموعة من نقاد وكتاب المسرح.
افتتح الندوة الدكتور مدحت الجيار بتأكيده على أننا اليوم على موعد مع كاتب متميز يقدم لنا مجموعة مسرحية تضم عدد من النصوص المتميزة والمتنوعة, وأضاف الجيار: ومعنا اليوم مجموعة مختارة من النقاد التى مارست أعمال كثيرة داخل اطار المسرح الى جانب النقد وسنبدأ بالدكتور هناء عبد الفتاح وهو الممثل والمخرج الذى اختبر المسرح من خلال الكثير من المصادمات والدراسات والتجارب العملية.
اختار الدكتور هناء عبد الفتاح أن يبدأ حديثه بمدخل عن علاقته بالكاتب سعيد حجاج وبداية معرفته به سنة 1994 من خلال عرض "حفلة خاصة على شرف العائلة" وهو النص الذى حصل به حجاج على جائزة محمد تيمور فى التأليف المسرحى,وتابع الدكتور هناء : اعطتنى هذا النص الدكتورة هدى وصفى وطلبت منى تقديمه فى مركز الهناجر وعندما قرأته شعرت بأن هناك مؤلف يخترقنى, والنص المسرحى ان لم يخترق المخرج ويثير تساؤلاته فلا قيمة له ولن ينتج عرضا متميزا, وكان وقتها سعيد حجاج مازال مؤلفا شابا وجديدا وكنت أبحث عن مواد درامية جديدة تختلف عن السائد والشائع, وبالفعل كانت علاقتى به علاقة تحاور واستفزاز لتقديم شئ مختلف, وفى المجموعة التى بين أيدينا اليوم نرى حجاج يقدم مجموعة نصوص مختلفة, وأضن أنه على المستوى النقدى لا يمكن وضع معيار نقدى واضح لمجموعة النصوص, فمازال حجاج يجرب بنوع من الجرأة والشجاعة, وهذا لا يعنى أنه مازال مبتدأ, بل على العكس فالفنان ىظل يجرب حتى يموت,وهنا تكمن اهمية كاتب مثل سعيد حجاج وهى أنك لا تستطيع وضعه تحت مصطلح نقدى واحد, وكل مسرحية له تدفعك لقراءتها النقدية المختلفة عن باقى مسرحياته, هذا التنوع والكرنفالية فى أعمال حجاج تؤكد أن له عالمه الخاص المتنوع والثرى, وللأسف الشديد لم تستطع الحركة النقدية فى مصر حتى الان أن تعيد اكتشاف النص المسرحي بما فيه وليس بما ينبغى أن يكون فيه من وجهة نظر الناقد, الذى غالبا ما يملى على النص ما يتوائم مع أفكاره النقدية, وحجاج ر يكتب من برج عاجى بل من خلال معرفته الدقيقة بتفاصيل خشبة المسرح ورؤيته للفضاء المسرحى والسينوغرافيا الخاصة به, مما يجعل عمله ليس دراميا بحتا ولكنه عملا مسرحيا دراميا, يجمع بين النص المسرحى وبين مفردات خشبة المسرح, وكثير من كتابنا ليس عندهم هذه الموهبة, وهنا ندخل الى نص "العشاء الأخير" وهل يمكن تصنيفه على أنه كوميديا أو تراجيديا او حسب أى معيار درامى أرسطى, بالطبع لا, أرى أن النص من أنقى ينابيع الدراما النفسية وأيضا الشكل التراجيكوميدى الذى يحمل الشكل المأساوى الساخر مع قدر هام من الفانتازيا, أجد حجاج يكتب وليس فى ذهنه هذه التصنيفات ولكن يكتب بقدر كبير من الانسيابية والتلقائية, وعندما اقرأ هذا النص فانا أرى, والشخصيات هى التى تدفعه ليتكلم باسمها, وكانت نهاية المسرحية هى نفس بدايتها وكأننا نجلس أمام نفس اللحظة لم تتغير, وفى هذا النص تأثر حجاج بقراءات متعددة وذكرنى بنض "الشقيقات الثلاثة" لتشيكوف وذلك فى اجترار الذكريات وفكرة الانتظار, وهذا لا يعيبه لأننا فى النهاية وجدنا نصا مصريا لحما ودما واحساسا وايقاعا, وفى الديكور بدأ بحوائط تحتوى الشخصيتان النسائيتان فى المسرحية ومن مشهد الى مشهد وجدنا هذه الحوائط تبتعد رويدا رويدا, وكأن هذه الشخصيات تذهب الى عالم أخر, وكأن الشخصيتان تبتعدان رغم اقتربهما, هذا المؤثر السينوغرافى الهام لا يفكر فيه مؤلف عادى, وحجاج منفتح على العالم وينحاور معه ولكن لا يتخلى عن مصريته التى تخرج من المحلية الى بعد أخر,والتركيبة الدرامية فى المسرحية تعتمد على ثنائية الأصوات, صوتين يتلاحمان ثم يمتزجان ثم يختلفان,نجد حس مرهف شديد البلاغة فى استنطاق شخصياته على خشبة المسرح, ونرى المشاكل المصرية وعلاقة الرجل بالمرأة وسيطرة الذكورية على مجتماعتنا, وفى النهاية أؤكد على أن سعيد حجاج منذ بداياته وحتى الان ما يزال يكتب بلغة مفردات العرض المسرحى وكأنه يجلس فوق خشبة المسرح ويكتب.   
عادت الكلمة للدكتور مدحت الجيار الذى أثنى على قراءة الدكتور هناء عبد الفتاح وتوغله فى نص "العشاء الأخير" وربطه بين النص وبين فكر حجاج بشكل عام وذلك فى مقولات محددة وموجزة, وتابع الجيار: والان ننتقل لناقد أخر لنستمع الى بيان نقدي اخر فمع الناقد صلاح الحلبى.
أقر الحلبى فى بداية حديثه عن الأزمة التى وقع فيها وهى التحدث بعد استاذه الدكتور هناء عبد الفتاح ولهذا سيحاول أن يتعرض لنصوص سعيد حجاج فى مجموعة من النقاط التى لاحظها فى نصوصه, وأضاف الحلبى: كل نص عند حجاج له تفرده ومفرداته وخفقاته الخاصة وتجد نفسك أمام ساحة ضخمة من الأفكار والشخصيات, وعن مجموعة "العشاء الأخير" وجدت مجموعة نصوص تحمل بعض من السمات مثل استلهام الروح التى وراء القضايا والأفكار,الحركة والهيكل المصرى,تركيب الجمل وتصرفات الشخصيات,السلطة الغائبة والحاضرة بقوة, حركة الزمن والمكان,خيالية الصورة الارشادية,التحول,نقاط الكشف,الهم النسوى, واعتقد أن هذه هى أهم المحاور التى دارت حولها نصوص المجموعة, وفى نص "العشاء الأخير" وضعنا الكاتب أمام أزمة نفسية لأمراتين عجوزتين ونجد البطلة هى "أمينة" المرتبطة بالواقع ولا تغادر مساحته, والشخصية الموازية لها هى "حكمت" التى تتلمس عناصرالخيال, وجعلنا النص فى حالة ترقب دائم للحالات النفسية لهاتين الشخصيتين, وكان ايقاع الحوار مناسب دائما للحالة النفسية حيث تطول الكلمات أو تكون قصيرة وسريعة حسب الحالة, وهذه الطريقة فى الكتابة كانت مناسبة تماما ومتفاعلة مع الشخصيات, وفى نص "غسيل مخ" كان صوت المؤلف يعلو فى نهاية النص بشكل قوى وخرج عن اطار شخصية العرض, وتميز نص "فانتازيا السقوط" بالشخصيات التى تحدث لها تحولات شديدة فى مواقفها, وفى النهاية أشكر سعيد حجاج الذى أعجبنى كثيرا بنصوصه.
وعادت الكلمة مرة اخرى للدكتور مدحت الجيار الى نقلها بدوره للناقد أحمد عبد الرازق أبو بالعلا الذى اعتبر سعيد حجاج ومجموعة اخرى من المؤلفين مثل ناصر العزبى ومحمد عبد الحافظ ناصف وأخرين, هم مجموعة كتاب يمثلوا من و جهة نظر أبو العلا, مجالا جديدا فى الكتابة المسرحية يضاف الى روافد وأجيال المسرح ممن سبقوهم, وتابع أبو العلا: هذا الجيل جاء فى ظروغ غير مواتية وخالفة لظروف جيل الستينيات, وهذه الظروف ربما أخرت وقللت من حجم انتشارهم الذى لم يأتى بقدر أعمالهم على مستوى الكم والكيف, وقد استفاد هذا الجيل ممن سبقوهم عن طريق نشر نصوصهم وهو أسلوب للتعرف على هؤلاء المؤلفين طالما ان دور العرض ليست متاحة أماهم بالشكل اللائق وهذ مرتبط بأزمة المسرح ومناخه, وهذه المقدمة مهمة لكى نضع سعيد حجاج فى سياقه التاريخى والفنى الذى يجب أن يكون منطلقا للنظرية النقدية حتى نفهم موقفهم من العالم, وعلاقتى بسعيد حجاج تمتد منذ زمن طويل وتحديدا فى بداية التسعينيات عندما نشرت له كتابه الأول,كما رأيت له بعض من أعماله على خشبة المسرح, وفى كتابه الأخير الذى قدمه بعنوان "العشاء الأخير" بما يحمله من خمسة نصوص تفصح عن تلك الرؤية الفنية من حيث المضمون والشكل الفنى أو البناء الدرامى الذى يقدمه, وهناك ثمة مجموعة من السمات المشتركة بين بعض من نصوصه وتغيب عن نصوص أخرى, وذلك يرجع لتنوع هذه التجارب التى تعبر عن عدة صور للمعالجة الدرامية عند حجاج, على سبيل المثال يعتمد على قدرته على تقديم عرض يعتمد على الثنائيات, وهى صعبة فى المسرح لأنها قد تصبح مجرد حوار بين شخصيتين بعيدا عن الدرما, وتواجد عدد كبير من الممثلين يساعد المؤلف فى بناؤه المسرحى ويسهل الأمر عليه, ولكن هنا أجاد حجاج التعامل مع الثنائيات التى قدمها فى نصين هما "العشاء الأخير" و " غسيل مخ", ونجح فى أن يجعل لكل شخصية ملامح خاصة تدخل فى صراع مع الشخصية الاخرى وتخلق صراع المتناقضات, وهذ هو الذى يصنع الدراما, وغياب فكرة التناقض تعطل الدراما,ونصوصه تحمل البعد النفسى وعندما تتحدث الشخصية الى شخصيةأخرى تشعر وكأنها تحدث نفسها ويتحول فى لحظة هذا الديالوج الى مونولوج,وهذه نقطة مهمة غابت عن معظم النصوص التى يكتبها الشباب الان والذين يقدموا مجرد رصد للشخصيات, وهذا يعبر عن امتلاك حجاج لأدواته فى رسم الشخصيات وتقديم بناء درامى متماسك, ولا يحققها الا الكاتب الذى أدرك طبيعة المسرح والكتابة الدرامية, ثم نجد بعد ذلك نصين ربما يبتعدان عن هذا البناء الدرامى وأقصد نص "عباس" ونص "سونارت", حيث استفاد فيهما من بناء القصة القصيرة, وما دفعنى الى هذه المقارنة بين النصوص هو نص "عباس" حيث لا نجد عباس متواجد بل الكل يتحدث عنه, واعتمد هنا على بناء القصة القصيرة مما اضطره الى ذكر عنوان لكل فصل من فصول المسرحية, والبناء لم يكن بناءا دراميا مكتملا وهذه النقطة يمكن استكمالها اذا وقع النص فى يد مخرجيعى كيف يتعامل مع المناطق الغائبة عن النص والتى تكمل البناء الدرامى للنص, وفى النص الخامس يذهب سعيد حجاج الى التاريخ وكأنه يقول أنه قادر على تقديم نصوص متنوعة ومختلفة وهو قادر بالفعل على التعامل مع أدوات ومناهج مختلفة,ونص "فانتازيا السقوط" نص هام جدا رغم قصره, لانه يتعرض لسقوط الدولة العباسية,وبدأ حجاج مباشرة من لحظة سقوط بغداد ليفصح عن لعبة الخيانة التى تمت وأدت لوقوع بغداد فى يد المغول,وليس شرط على المؤلف أن يأخذ التاريخ كله عندما يتعامل معه, وقد أصر حجاج ونجح فى تقديم نص يعتمد على فكرة الخيانة نفسها وهو نص متميز وجميل حتى لمن لا يعرف التاريخ, لأن المسرحية اصبحت فى حالة تناص وتلامس مع الواقع,وعلى مستوى اللغة بشكل عام وجدنا حجاج يستطيع تقديم لغة كوميدية وغير مسفة مثل نص "عباس", ووجدنا حوار درامى قوى مثل "العشاء الاخير", وعندما كتب الفصحى وجدناها سليمة وبسيطة وغير طويلة فى "فانتازيا السقوط" وكانت لغة الحوار مناسبة لعدد الشخصيا الكثيرة مع قصر مساحة المسرحية, والمسرحيات الخمس تؤكد أن سعيد حجاج أصبح أكثر نضجا عنمدا اقترب أكثر من المسرح وخشبته ورأيناه يقدم نصوص تستطيع أن تقيم علاقة مع الجمهور.
علق بعد ذلك الدكتور مدحت الجيار قائلا: رغم اختلاف الرؤى بين النقاد الثلاثة الا انهم اتفقوا على تنوع ثقافة وخبرة سعيد حجاج وعلاقته القوية بخشبة المسرح, وهى مشكلة حالية فى كثير من النصوص المسرحية التى تكتب وأكنها أدب وليس لها علاقة بالخشبة,والان نفتح باب المداخلات مع ضيوف الندوة.
كانت أولى الماخلات مع الكاتب المسرحى محمد عبد الحافظ ناصف الذى قال: جميل أن نجد حركة نقدية تبدأ فى متابعة الأعمال المسرحية لجيلنا الذى بدأ تقريبا فى 1989, وجميل أن تنطلق هذه الحركة من اتحاد الكتاب, وسعيد حجاج هو الفتى المدلل المشاكس فى جيلنا,وكنا دائما ننتظره ونرى ردود افعاله لانه كان دائما يتميز بجرأته على فتح ثغرات فى المسرح المصرى وبالفعل سبقنا فى خوض مساحات جديدة كنا نخاف منها,ويتميز حجاج بالفعل بفكرة تنوع وقراء أعماله, وسيظل المسرح هو العشق الحقيقى لسعيد حجاج الى تنازل عن مشروعه فى القصة القصيرة من أجل المسرح.
انتقلت بعدها المداخلات الى الناقد أحمد خميس الى أشار الى فكرة أدب مسرحى حيث يرى أن ما يميز الجيل الحالى من كتاب المسرح أنهم على معرفة حقيقية بخشبة المسرح بل ويكتبوا احيانا كثيرة من خلال البروفة وورش الكتابة والتمثيل, وتابع خميس: هذا الجيل على وعى حقيقى بتقنيات خشبة المسرح, أما بالنسبة لفكرة كتابة عناوين لفصول المسرحية والتى ذكرها الناقد الزميل أحمد أبو العلا, فهى أيضا ميزة عند كثر من كتاب الجيل الحالى مثل ابارهيم الحسينى مثلا, وأعتقد ان "العشاء الأخير" قريبة جدا من دراما العبث فى تكنيكها مثل أن تبدأ وتنتهى عند نفس المشهد او اللحظة وهو ما يسمى بالبناء الدائرى, وهذه من أهم مميزات سعيد حجاج عن معظم جيله وهى أن اكثرهم اقترابا من دراما العبث.
وكانت النهاية مع الدكتور محمود نسيم رئيس شعبة المسرح باتحاد الكتاب والذى أشار الى أن هذه هى الندوة الخامسة التى تقيمها الشعبة لمناقشة الأعمال المسرحية للجيل الحالى, وعن نصوص سعيد حجاج اضاف: سعيد حجاج له صبغته الخاصة وسمة مستمرة معه منذ بداياته وحتى الان, وهى محاولة الخروج عن الانماط والقواعد سواء على مستوى الكتابة أو على مستوى التصور النقدى, وهذا الجيل بشكل عام له سمات مشتركة مثل غزارة الانتجا والتنوع, لهذا يجب الاهتمام بدراسة هذا الجيل والبحث عن سؤال هذا الجيل الذى يطرحه من خلال اجابته, وهذا بالفعل ما تنى شعبة المسرح أن تفعله وسيكون لقاؤنا الشهر القادم مع مؤتمر اليوم الواحد عن "الكتابات المسرحية الراهنة".     

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

من برنامج المسرح فى الصعيد ---قناة طيبة

من برنامج المسرح فى الصعيد تجربة مسرح المقهورين باسوان اخراج سحر جروبى . برنامج المسرح فى الصعيد رابط المشاهدة   ...