الاثنين، 29 أبريل 2013



غسل  مخ
                                                                                                               سعيد حجاج

المشهد الأول
المنظر عبارة عن حجرة معيشة تعمها الفوضي . الأرضية مغطاة بأعقاب السجائر والورق الممزق . في أحد الأركان يوجد مكتب متناثر عليه العديد من الكتب كما توجد في الحجرة بعض الرفوف الموضوع عليها كتب متباينة الأحجام . علي درج عال قليلا في الخلفية بانوراما بيضاء تستخدم في مشاهد الفلاش باك . باب علي اليسار وآخر علي اليمين
ـ الزوجة تعبر من الباب الأيمن إلي الباب الأيسر بشكل ملفت وسريع حتى ليبدو أنها لا تفعل شيئاً ذا بال .
ـ الزوج ماكث خلف المكتب يحاول الكتابة ثم يقرأ ما كتب بصوت خافت مضغم ثم يمزق ما كتب وينثره حوله في ضجر يفعل هذا عدة مرات ثم أخيرا يشعل سيجارة , بعد لحظات يطفئها .لحظات من الصمت ثم لا يجد ما يفعله , أخيرا ينظر لزوجته في إحدى مرات عبورها
الزوج
:
أنا عايزك تقعدى بقى... أقعدي بقى ... إنتي ما بتعمليش حاجة " تنظر له الزوجة ثم تعبر فى تجاهل واضح " أنا عينى تعبت من المرواح والمجى ده . أنت بتعملى إيه عندك ؟ بتعملى إيه ؟
الزوجة
:
" تنظر له فى صمت ولامبالاة ثم تعبر إلى الباب الآخر "
الزوج
:
أنا بأكلمك .. بأسألك إنت بتعملى إيه ؟ " يصرخ فيها بينما هى فى الداخل " ماتسديش ودانك عنى بالشكل ده أنا مش حيوان هنا .
ص الزوجة
:
أنت بتكتب .
الزوج
:
أنا مش قادر أكتب .
الزوجة
:
"تخرج له " حاول .. حاول تانى .
الزوج
:
كل مرة بألقى نفسى مش قادر أبلع اللى أنا بأكتبه .. المأساة أكبر من الكتابة ألف مرة و مرة .
ص الزوجة
:
" وهى تعود للداخل " حاول .. حاول تانى .
الزوج
:
حاسس أنى دون كيشوت والأشباح بتحاوطنى " صمت " ما فيش أى حاجة بتحصل . ولابتتغير مهما أكتب ولاأقول .
الزوجة
:
" وهى تدخل " مش فاهمة .
الزوج
:
لازم تفهمينى .
الزوجة
:
أنزل أشتريلك قلم تانى ؟
الزوج
:
مش ده الموضوع ." صمت " أنت لازم تساعدينى .
الزوجة
:
أنا عمرى ما كتبت ولا فكرت فى الموضوع ده قبل كده .. وعمرى ما حبيتها وبعدين أنا مش عاوزة .. مش قلنا الموال ده نسيبنا منه ونشوف حالنا بقى , شوف لك شغلانة تانية .
الزوج
:
القلم مش .......
الزوجة
:
القلم فاضى فى إيدك" . صمت "
الزوج
:
فى عصور الانزواء والتشتت , لازم أقاوم جبنى أحدد مصيرى " فى غضب " رتبى الشقة , نضفيها ، الأودة وسخة وحقيرة وفيها فوضى غريبة تشتت الذهن وتوقفه عن التفكير .
الزوجة
:
أنت اللى عامل الفوضى دى ... إصرارك غريب عليها ...
هدومك وسخة .. أنا لازم يتنشر فى الشمس فاهم .
الزوج
:
" لنفسه " الشمس غابت " صمت " وأنتي أهو .. واقفة ما بتعمليش أى حاجة غير إنك تزودى عذابى .
الزوجة
:
الغسالة شغالة بالكهرباء مش محتاجة أقف قصادها .
الزوج
:
إنتي بتعملى إيه ؟
الزوجة
:
ما أعرفش .. قلت لك ألف مرة ما تطلعش على السرير ورجلك فيها زفت قرف , قلت لك ولا أنت هنا .. كأنك مش سامعنى " صمت " أنا مش عارفة أحوالك بقت غريبة اليومين الزرق دول ليه ؟
الزوج
:
إنت بتغسلى بقالك دلوقت أكتر من عشر أيام ، الكون أعلن خصومته ، الأدراج مزحومة بالورق الصاخب اللى كان جوايا وأتحكم عليه كله بالإعدام المقيت , منعوا عنه الهوا والنور ولكن لسه ودانى بتسمع هتاف الناس وضجتها " مؤثر صوتى لصخب وكلام متداخل " سامعة الناس ؟ بيرددوا كلام أبطالي الأماجد اللى أبدعتهم زمان ... سامعاه ؟ سامعة الكلام ... حساه ؟
الزوجة
:
المسحوق ما بقاش زى زمان ... مابقاش ينضف البقع .
الزوج
:
إيه ده ؟ " صمت "
الزوجة
:
المسحوق .." صمت "
الزوج
:
بقع إيه ؟ " صمت "
الزوجة
:
" تنظر له طويلا " ولا حاجة " ..صمت طويل "
الزوج
:
" يمزق الأوراق فى عنف " أهم شيء أقدر أقوله دلوقت حالا أنه من الجنون استمرار الواحد فى الكتابة والإبداع فى العالم القذر ده " يعبر ثلاثة أشخاص مطموسى الملامح بلا مقدمات من حجرة النوم إلى الجانب الآخر ويختفون والزوج لا يأبه لذلك " أقدر أجزم كمان إن الحياة كانت ممكن تمشى بشكل أفضل ألف مرة لو ما كانش فى الكون حضارة و أدب أو تاريخ وفلسفة , الكون كان ممكن يكون أجمل بلا تاريخ ... والأفكار العظيمة والاكتشافات المهمة هي السبب الحقيقي .
الزوجة
:
لأيه ؟
الزوج
:
نعم ؟
الزوجة
:
هي السبب الحقيقي لأيه ؟
الزوج
:
لأيه ؟
الزوجة
:
أيوه .
الزوج
:
لتناحر الإنسان .. برومثيوس سرق النار من الآلهة علشان ينور الوجود بالمعرفة .. الناس حرقت الوجود بالقنابل و البارود .
الزوجة
:
يمكن .
الزوج
:
مايمكنش ده مؤكد .
الزوجة
:
كلام فارغ". صمت " 
الزوج
:
حاولى تتناقشى معايا فى فايدة أى حاجة , أى حاجة بعد العمر ده كله , تعالى نحمى دماغنا من الحضارة والآلات ونتصور العالم من غيرهم , من غير لا فن ولا أدب ولا فلسفة  كان إيه اللى هايحصل أبشع من اللى حاصل ؟
الزوجة
:
كان إيه اللى هايحصل ؟
الزوج
:
كان إيه اللى هايحصل ؟ جاوبى .
الزوجة
:
كان إيه اللى هايحصل ؟ مش عارفة .
الزوج
:
ما كناش هنعيش فى العهد الفكرى ده , ولا نتاجر بمبادئنا ونبيع إيماننا ونلغى وجود بعض .
الزوجة
:
" صمت "
الزوج
:
يمين بالله هى دى الحقيقة .
الزوجة
:
أسكت بقى بلاش تخريف الحيطان ليها ودان , الناس تقول إيه ؟
الزوج
:
أحنا بنتكلم فى أودة مقفولة حيطانها عالية وسقفها أسمنت أسمنت مسلح , ماحدش معانا علشان يتهمنا بالكفر أو حتى الجنون والهرطقة .
الزوجة
:
" تضحك فى سخرية بينما يعبر الثلاث رجال الغرفة مرة اخرى "
الزوج
:
أيوه أو حتى بالجنون والهرطقة .
الزوجة
:
أنت النهارده بتقول كلام غريب .
الزوج
:
أحنا منفيين من العالم , منفيين فى جزيرة معزولة بيحاوطها الدم من كل جانب , جزيرة بيحاوطها الريح والصراخ والنار وأنا بأفكر بصوت عالي فى المنفى الكئيب .
الزوجة
:
أنت اللى نافى نفسك جواك , جوا مبادئك المجنونة المعزولة ... فيها إيه يعنى لما
الزوج
:
أنا ما أملكش أتنازل .
الزوجة
:
" تتركه وتدخل بعد أن تضحك فى سخرية "
الزوج
:
الأرض خراب والعالم فاشيستى مجنون ... وأنا ما أملكش غير العقل , العقل
الزوجة
:
" تطل من الباب ساخرة " العقل ؟ هو فين العقل ؟
الزوج
:
هو ده رايك الحقيقى ؟
الزوجة
:
من زمان .
الزوج
:
من قبل ما نتجوز ؟ " صمت "
الزوجة
:
أنت عايز توصل لأيه ؟
الزوج
:
تخيلى العالم زى ماقلت لك . فكرى لحظة فيه , صحرا وبحور وعصافير فى الخلا بتطير , حضارة عصافير . وفكرى فى السوس اللى حوالينا بينخر كل معنى جميل ونبيل. أنهوا أجمل ؟ ساعتها ها تكتشفى أنه من الجنون والحماقة إنى أقبل أعيش العمر كله فى قلق علشان ... ال ... " صمت " التوجس والقلق بيخلى الواحد يرجع ورا , وما يخطيش ولا خطوة قدام , ولا قيد أنملة , وما فيش رحم تانى هايستقبلنا غير الأرض .. والأرض خراب . أخيرا لازم  تفهمى كويس إن مافيش حاجة أسمها مستقبل فى أى عالم وسخ وردئ وهازم أحلامنا بالشموخ والرفعة .كل يوم موت مش جميل , دم ... بقع ... ريح بتعصف بالنبل الأنسانى الضئيل .. وبتطمسه. " يعبر الرجال الثلاثة الغرفة مرة
أخرى فينظر نحوهم بلا دهشة "  أنا القلق بيستعمرنى .
الزوجة
:
" ساخرة " قلق أنجليزى .
الزوج
:
أبن زنى حقير ... بيتغلغل جوايا وأنا كلى رغبة فى صده اغتياله , وسلاح مافيش ... أنا قلقان لدرجة أنى خايف أخلف حتى فأر صغير يبقى تالتنا تحت السقف الوحيد .
الزوجة
:
أنت مش قادر. " صمت "
الزوج
:
خايف " مستدركا " أنا اللى مش عايز ." صمت "
الزوجة
:
أنت بتنام فى أودة لوحدك من زمان .
الزوج
:
ده صحيح .
الزوجة
:
من ساعة ما أتجوزنا " تغادر المكان ساخرة "
الزوج
:
إنت بنت كلب لعينة ... أنا أقدر أقسمك نصين ...
الزوجة
:
" من الداخل ترن ضحكتها الماجنة "
الزوج
:
" :"متحدياَ"  ماتسخريش أنا قادر .
الزوجة
:
" عند الباب " ماأنا قدامك أهو .
الزوج
:
قربى لو انت بنت راجل صحيح . قربى لو فيكى ذرة
إيمان . قربى لو مانتيش يهوذا . قربى .
الزوجة
:
" تقترب عند كل جملة لتلتصق به "
الزوج
:
" ينظر لها بشراسة ثم يعبث فى جسدها فى مشهد تعبيرى وهى فى
غاية البرود. لحظات هزيمة ثم يتركها ويبتعد منفجرا ومهزوما" جليد .
جليد . جلد خشن ردىء بتلفه البرودة اللعينه , بروده من نوع غريب بتخلى
جسمى يقشعر ويدخلنى المتاهة . انت ملعونة وأنا مشروخ . الزمان مابقاش
للأنبيا والقديسين .. ولاللكتبة والموهوبين . الزمان ده زمن السماسرة
وبس .
الزوجة
:
" تنفجر فى الضحك وهى تغادر المكان "
(
صمت )
  ( فلاش باك . الزوج والزوجة فى مرحلة الخطوبة الأولى على الكورنيش.هو
يظهر على المسرح بينما هى تظهر عبارة عن خيال فى الباتنوراما الخلفية )
الزوج
:
انت أجمل امرأة فى أنحاء المعمورة .
الزوجة
:
وأنت أعظم شاعر فى الكون .
الزوج
:
أنا... أنا.....
الزوجة
:
" تضع يدها على فمه " أنا مش لاقية كلمة تعبر عن مشاعرى اللى
أنت دايما تشكك فيها
الزوج
:
أنا مش مصدق ,حبك فوق احتمالى . كل الكلام فى دواوين الشعر
ومعاجم اللغة وعلى الكورنيش عقيم وعاقر . انت وحدك مهد جميع اللغات .
الزوجة
:
امتى بقى ...
الزوج
:
امتى ايه ؟
الزوجة
:
عش العصفورة .
الزوج
:
لما نكون .
الزوجة
:
لما.....
الزوج
:
نكون " يخرج كمن الفلاش باك بغضب ليبعثر الكتب من فوق الرفوف .
ويمزق الكثير من الأوراق " ملعونة كل الأفكار والفلسفات اللى حدفتنا فى
قلب معادلات ركيكة كنا فى غنى عنها وهى فى غنى عنا .القرايه طز .الكتابة
طز . المعرفة الف طز وطز . برومثيوس فلتظل مقيدا بأغلالك فالنار التى سرقت لم تنر . أظلمت يابرومثيوس العالم بلا كل ده كان ممكن يكون أكثر أمنا وسلاما مع النفس .نعم كان لازم الأماجد القدامى الأوغاد ينادوايالجهل مش بالعلم بقلة الأدب مش بالأدب لأن الأدب نسق غريب وسط أنساق الجنون
والمجون والخيانة , الأدب لما يأباه الوجود يبقى علينا
السلام.كان لازم نكفى على خيبتنا ماجور وأحنا بنخضع للمسوخ..أنا نازل ياملعونة .( يندفع نحو الباب فتقف زوجته أمامه )
الزوج
:
رايح فين نص الليل ؟
الزوجة
:
رايح في ستين داهية . ستين ماخور . " تقذف له بالنقود فيرتمى عليها ككلب لاهث "
الزوج
:
متشكر .
الزوجة
:
كل يوم تنزل وترجع ريحتك خمرة وقرف .
الزوج
:
" بفخر " وعرق نسوان المواخير .
الزوجة
:
أقعد يوم في البيت زى بقية الناس .
الزوج
:
أنهى ناس ؟ العالم ده لوفيه أنصاف ناس ماكانش بقى
بالنتانة دى .
الزوجة
:
البس حاجة في رجلك قبل ماتنزل . الملايات بتتوسخ طين بس .
الزوج
:
بس ؟
الزوجة
:
" بسخرية " بس .
الزوج
:
عاهرة " يصفق الباب خلفه في عنف "










المشهد الثاني

( نفس المنظر السابق , طرق شديد على الباب . الزوجة تذهب لتفتح في
لامبالاة لاتتناسب مع سرعة الطرق . الأشخاص الثلاثة المطموسة ملامحهم
يسندون الزو ج المهلهل الثياب وهو في حالة سكر شديد .يدخلونه ويخرجون بلا أي كلمة  )

الزوج
:
قلت لهم أكتر من عشر تلاف مرة لو حفرتوا الشوارع
لازم تحطوةا علامة على .حمرا .. خضرا .. بيج .بس كان لازم تكون
علامة قبل الحفرا من الناحيتين . احنا مش حمير ولا حساسين علشان نميز في
الضلمة بعد الحفر " صمت " قلت لهم لوكان فيه عدل في الأرض ماكناش نعيش
تحت الأرض وحد الانسانية " صمت " أنا عارف انى حاقد وعيلتى ورثت الحقد من الجدود الفقرا الأوائل على مر التاريخ لأننا وعلى مر التاريخ لا إحنا لصوص ولا هباشين ولا سراقين قوت ولا مدنسين بقرون " صمت " إحنا فى القرون الوسطي يا مدام . رغما عن برومثيوس وناره العظيمة .
الزوجة
:
بلاش هلوسة وكلام فارغ .. انت عملت ايه بالفلوس ؟
الزوج
:
" في هيستيريا " مش عارفة عملت ايه بالفلوس ؟ طب عارفة يهوذا خان ليه ؟
الزوجة
:
" صامته "
الزوج
:
علشان ابن كلب حقير قابض تمن الخيانة مقدما . وأنا لأني لا ابن
كلب ولا شبه يهوذا فأنا مش ها اخون ولا ها ابيع ولا ها اتنسى .
الزوجة
:
بطل كلام سكر طيب .
الزوج
:
أنا مش سكران .. أنا في قمة الوعي الإنساني والفلسفي .
الزوجة
:
انت فاكر نفسك مين ؟
الزوج
:
اللى بأقوله لاهو كلام فارغ ولا ابن سكر ولا هو حتى شبه
الحقيقة "صمت " اللى بأقوله دلوقت هو الحقيقة الخالصة باعلنها وأنا في آخر يوم في الجحيم .
الزوجة
:
طب خش نام ماتوديش نفسك في داهية .
الزوج
:
لأ سجلى كل الكلام .
الزوجة
:
أنهو كلام ؟
الزوج
:
الكلام الحقيقى اللى هاأقوله بعد كل السنين دى " يذهب ليحضر الكاسيت " أنا جاهز يامدام " يضغط على الزر"انت بنت كلب حقيرة وأنا بأعلن على الملأ , العالم بقى أكثر ديقراطية وبأعلن العصيان غير المسلح إلا بالبصاق , وها أمشى مرفوع الراس في مظاهرة وسط الجموع الذليلة وأطالب بحقى في الكلام والفعل
واستخدام العقل المحاصر بمليون محظور وماحدش هايهوب ناحيتى
الا طبعا بالقنابل المسيلة للدموع والعصيان الكهربية ."بسخرية "
لأننا في زمن ديمقراطى أكثر من ذى قبل , أنا مش قادر أعيش بشرف
ولاقادر أستغنى عنه ولاقادر أضمن انى أموت بشرف. أقوم أعمل ايه ؟ أتسول حق الخمرة الوضيعة وأنسى ؟ أنا مش قادر أنام معاها ولا قادر أحلم بعيل أد الفار .. أد كده . " صمت " عارفة ليه ؟ مش علشان عاجز ولاعنين , علشان
مش عارف هاأحكى له ايه . ومش لاقى مثل أعلى . ومش مؤمن
بالحبوب . " صمت " حبوب منع الحمل يامدام .
( يضحك في هيستيريا )
الزوجة
:
خلاص ؟ قلت كل اللى عندك ؟
الزوج
:
لسه .. هاتى لى كوباية مية .
الزوجة
:
قوم اغسل وشك ولا استحمى .
الزوج
:
أستحمى ليه ؟ أنا مش هاأقدر النهاردة .. ماليش مزاج .
الزوجة
:
انت مابتقدرش على طول .
الزوج
:
أنا سبع ابن سبع أصيل . كانوا عاوزين يجوزونى سبعة . طلعت
ابن كلب خايب واتجوزت تلاتة ونص " يضحك "
الزوجة
:
" تضحك الى أن تتداخل ضحكاتهما بينما يدخل الرجال الثلاثة
وينتشرون في المكان "
الزوج
:
" ينظر لهم في دهشة ثم ينظر لزوجته " مين دول ؟
الزوجة
:
هاأجيب لك كوباية مية " تخرج وتتركه في حيرته "
الزوج
:
" ينظر للرجال ويحاول الكلام لكنه لايستطيع ."
الزوجة
:
" تدخل بكوب الماء بينما الرجال يختفون "
الزوج
:
أنت ماشوفتيش حد واقف هنا من شوية ؟
الزوجة
:
" تمد له الكوب دون رد "
الزوج
:
" فى حيرته ولا يعير الكوب انتباها " انت ماشوفتيش حد ؟ ماشوفتيش حد هنا ؟ " صمت طويل " كل ماأقعد قعدة وسط السكارى الجدد في البارات الوضيعة . أسمع في الرداوى والتليفزيونات هناك أغان الانتماء , أقلبها في دماغى . ماأفهمش الآ نتماء لأيه .لموتنا ولاتضيعنا لتاريخنا المجيد ؟ ولا لرميتنا على الرصيف وسط الصفيح والمرض . سيرة البلد على لسان المنافقين في الرداوى في الخمارات لازم تحب الوطن وتفديه بالروح والدم لازم تدفع عمرك وعيالك
ومراتك فداه . والجزاء في اخرة المطاف الجنة ونعيمها .الحياة مش مهمة .
طز فيها ألف مرة . موت من أجل الجموع الذليله والمجد كل
المجد انا الجموع دى كلها هاتذرف عليك الدموع الصادقة .بس برضة
ولاشىء راح يتغير . سيبقى الوضع كماهو عليه لأنه ليس في الامكان أبدع مما
كان وليذهب عمرى هباء تذروه الريح " يكرر الجملة الأخيرة الى أن يتهالك
تماما "
الزوجة
:
" اشرب .
الزوج
:
شربت كتير . " يأخذ منها الكوب لكنه ينسى الشرب " كانوا
جدودنا زمان بيحاربوا الاستعمار . كانوا بيخرجوا المستعمر
الأجنبى علشان يروقوا الطريق للمستعمر الوطنى العظيم . واحنا زى
النسوان بنخاف على البيت والغيط انما عمرنا ماخفنا على الكرامة لأننا
حديثوا العهد بها . " صمت بعده انفجار " المأفونون يعيثون فسادا في
دمانا واحنا على الرصيف نقتات من القمامة فضلات المستوردين والسادة
بأفواهنا المفغورة في انتظار العطايا والهبات . " صمت " كنت
أقول وسط الخمارات وكانوا يضحكوا .. يضحكوا أنا أدخل في جلدى
وأتضائل . أصغر . أصغر وأتضاءل . يا يهوذا كيف خنت ؟ وبكم
اشتروك كى تخون ؟ قل لى . لكن لأ . لأن دمنا مليان بالنيل وجسمنا مليان
بطين الأرض والحنفيات والبرك " يحتسى الكوب دفعة واحدة "
ففيه ناس مازالت برضة ما تقدرش تخون .حتى لو كانوا بيسمعوا
الأغانى العقيمة ويتريقوا عليه لأن دى بلدنا احنا اللى خايف في الزحمة تضيع
و تغرق في الطوفان ونفضل نرثيها بعد مااتفرجنا عليها كفاية
وكتبنا فيها الشعر والمسرح والقصص العظيم وماقدرناش نسعفها
اسعفوها ياولاد الكلب فين ضمايركم ؟ " بحزن شديد " فين ضماير
الرجال قبل الطوفان ؟
الزوجة
:
انت مش هاتبطل ردح بقى ؟
الزوج
:
فعلا لازم
الزوجة
:
" بعد فترة صمت " غير الموضوع . لازم يكون فيه جديد في
حياتنا . بلاش لغة المثقف المهزوم دى
الزوج
:
هوفيه مثقف مش مهزوم ؟ وريهولى علشان أسأله ازاى قادر يصلب طوله وسط الخيانات العظيمة دى ؟
الزوجة
:
قلت لك غير الموضوع .
الزوج
:
عندك حق " صمت"أمك فين ؟ ماعدتش بتيجى من
ساعة الصباحية
الزوجة
:
هو كان فيه صباحية اساسا ؟
الزوج
:
تانى يوم الصبح يعنى .
الزوجة
:
من ساعة ما طولت لسانك عليها وهى حلفت ما تعتب البيت ده
أبدا
الزوج
:
عايزة تحط مناخيرها في كل حاجة حتى في ال..... ده
كلام ؟
الزوجة
:
بتطمن على جوز بنتها وبنتها .
الزوج
:
على ايه ؟ أنا خايف عليكى انت .
الزوجة
:
" تضحك في مجون "
الزوج
:
غيرى الموضوع .. لازم يكون في موتنا جديد .
الزوجة
:
بابا عيان .
الزوج
:
عنده كحة ؟ حجزتوا له في لندن ولا باريس على نفقة
المحروسة ؟
الزوجة
:
بتتريق ؟
الزوج
:
طبعا باتريق .. اللى زى ده ايه اللى يعييه ؟ لا ضمير صاحى ولامية نيل بيشربها . يبقى بيعيا ليه ؟ ترف ؟ رفاهية ؟ تغيير ؟
الزوجة
:
حتى وهو عيان مش فالت من لسانك ؟
الزوج
:
كان دايما يقوللى اشترى دماغك ياولد . بيع القضية
وعيش .. انت مابتعملش خاطر لحد ولا بيهمك حد وفاكر انهم هايشيلوك على الأعناق وانت حى . كان عاوزنى أكون ترس في آلته الحقيرة علشان أعجبه بس أنا ماكنتش أقدر .لأنى معقد وباعشق تراب البلد دى . ابعتيه
يشترينى ويرمينى لكلاب السكك . بس زى ماأنا كدهو . لآنى عمرى ماها أكون منافق ؟
الزوجة
:
وبرضه بابا مش منافق .
الزوج
:
ماحدش قال انه منافق . انا عرفت دلوقت أنه كان حاجة
تانية خالص " صمت " أقسم انى حاولت أغير جلدى بلون العصر الباهت بس
فشلت . الخلايا كانت رافضة تتاطى جوايا " صمت " النفاق مش بالنيه اصله ,النفاق ده خبرة طويله وممارسة . مرة وأنا طالع فوق الكوبرى المجيد لقيت
واحد معلق يافطة مكتوب عليها ( غضبه له حدود وعطاؤه بلاحدود ) . افتكرت
ربنا نازل الانتخابات . بس لما بصيت فوق لقيت صورته .
الزوجة
:
صورة بابا ؟
الزوج
:
صورة أبونا كلنا .
الزوجة
:
مش فاهمة .
الزوج
:
مش مشكلة . عرفت ساعته انى حتى لما باكتب شخصية وواحد
منافق بابقى سطحى وعبيط وخيالى ضيق وعقيم .
الزوجة
:
عادى .
الزوج
:
ده في شرع أبوكى .. يووه غيرى الموضوع .هو في أنهى
مستشفى علشان نروح نزوره ؟
الزوجة
:
في ال...
الزوج
:
خمس نجوم . مش كده ؟ وهايرضوا يدخلونى ؟ انا خايف ما
يرضوش .
الزوجة
:
ماتخافش .. ولابتدور على حجة ؟
الزوج
:
وعهد الله مابدور على حاجة .
الزوجة
:
أمال ؟
الزوج
:
بس الحكاية انى ماعنديش ملابس رسمية ولا كرافتة .
الزوجة
:
طب وانت من امتى كنت شيك ؟
الزوج
:
ينفع أروح بالبيجامة والكرافتة ؟
الزوجة
:
ماينفعش ؟
الزوج
:
شايفة ؟ حتى الزيارة مش عارف اروحها . لأنى عندى شرف
وماعنديش هدوم . مش مهم أبوكى المرة دى . العيا الجاى
ان شاء  الله يكون ربنا فكها " صمت " يوووه غيرى الموضوع
ايه مش هناكل ؟
الزوجة
:
أشوف فيه أكل ايه .


( فلاش باك . اثنان من المطموسة ملامحهم يمثلان دورى الأب والأم بطريقة مبالغ فيها هما خلف السلويت بينما الزوج على المسرح )
الأب
:
أنا مش موافق انك تهوب ناحية البيت برجلك الوسخة المقشفة دى
مش تيجى كمان تطلب البنت للجواز كمان . كمان . كمان ؟
الأم
:
ناس مافيش في وشهم حصوة دم ولاشوية ملح ولاحبة حيا .. انت
انت مش عارف جاى تتجوز مين وبنت مين ؟ بنت باروم ديله افندى
الزوج
:
انا بس ياأفندم ...
الأب
:
أنا بس لأنى راجل ديمقراطى في زمن ديمقراطى . فأنا ممكن
أسيبها تخوض التجربة بنفسها . وأقدر ابرهن كمان على فشلكم
الذريع
الزوج
:
ليه بس ياعمى ؟
الأم
:
عمى الدبب والكلاب لما يبقى يجى في عينيك يابعيد .. انت
ماعندكش دم؟ ايه اللى حدفك علينا علشان تميل بخت البنت ؟
الزوج
:
بس أنا ماأقدرش ..
الأب
:
بس هى تقدر . تقدر هى .
الزوج
:
حيث ان ده رأيكم .. فأنا ....
الأم
:
أهو كده .. لاآنست ولا شرفت .. مع السلامة .
الزوج
:
أنا يهمنى أعرف رأيها الأول ...
الزوجة
:
( تدخل فيفيق الزوج من الفلاش باك ) أنا موافقة .
الزوج
:
طبعا كان لازم توافقى كى يكتمل الفخ والمأساة .
الزوجة
:
موافقة اننا نزوره بالبيجامة " تضع الطعام على المنضدة "
وكأننا جايين من مستشفى المجانين على بابا على طول .
الزوج
:
" وهو يأكل بغير اشتهاء " لالالأ أبوكى بتركبه العفاريت الزرق
لما يشوفنى . الراجل بيتقرنى . بيقول ان المناصب العليا في
البلد لازم يشغلها الناس اللى ليهم قيمه وعندهم ثروة يس . المناصب
الدنيا للأغبيا والرعاع والكتبة امثالك . ودول مالهمش مكان في الحياة أصلا
على رأى العظيم نيتشه . عارف نيتشة ولا ماأنتش عارفه ؟ " ينظر
لزوجته " خليه يروح في ستين داهية .
الزوجة
:
قلبك أسود .
الزوج
:
ده كان بينبط على زى النسوان .
الزوجة
:
انت اللى عايش اوهام غريبة .. أنا لومش باحبك .. كنت أعيش
معاك ليه ؟
الزوج
:
ماهو ده اللى كنت مستغرب له .
الزوجة
:
هو ايه اللى كنت مستغرب له ؟
الزوج
:
لكن اللى أنا متأكد منه دلوقت .. انك قابضة. ) موسيقى تن تن تن (
الزوجة
:
قابضة ؟ ( موسيقى تن تن تن  )
الزوج
:
أيوه .
الزوجة
:
انت مجنون ؟
الزوج
:
هى دى الحقيقة . كنت بترمى لى فلوس الخمرة في وشى ليه.. مش بتدى هالى في ايدى . وكنت بتجبيها منين وانت مابتشتغليش؟
الزوجة
:
ماسألتش من زمان ليه ؟
الزوج
:
كنت عاجز عن الأسئلة والإجابات .
الزوجة
:
أنت مجنون .. مجنون .
الزوج
:
اصرخى كمان بعلو صوتك .. أعلى .. خليهم يلبسونى قميص
المستشفى الأبيض . ويركبونى حمار بالمقلوب ويعملوا لى جرسة في كل أنحاء
المحروسة وقاهرة المعز المذل . لآنى أصبحت خرب وجوايا طافح بالعشق .
الزوجة
:
" تضحك بصوت عال "
الزوج
:
أضحكى كمان .. تانى .. أعلى .. يمكن ده يكون المقر الأخير
الزوجة
:
انت أكيد جرى لعقلك حاجة .
الزوج
:
أكيد .. تقدرى تمشى دلوقت .. أديتى رسالتك في الحياه .
علشان العالم القذر يرتاح من واحد ضد قذارته .
الزوجة
:
أنت عقلك خلاص .؟
الزوج
:
مش عارف .
الزوجة
:
أنا خارجة يامجنون .
الزوج
:
" يذهب ليبعثر الكتب في هيستيريا " المستودع الأخير في أحضان
عربيات الترمس , قراطيس . قراطيس .. للعشاق القراطيس المهضومين الحق
على الكورنيش وفى الشوارع الضلمة , المستودع الأخير لأفكار العظماء عبر
التاريخ في عيون التواليتات في كل أنحاء
المعمورة . اذهب اليهم يايهوذا واخبرهم أن آخر الرجال سيموت
كمدا فوق الصليب في الساحات المكتظة بالبلها المنتظرين . روح لهم ياابن
الكلاب اقبض تمن الخيانة . وانت بشوش الوجه مبتسم وفخور بالألف ناب تحت
ابتسامتك . عرفهم ان مرفأى الأخير حضن السما وذمة التاريخ .. مش الفراغ ابدا أبدا . بس ماتنساش تقولهم رسالتى الأخيرة
طز بقدر عدد القرون التى مضت على وجود البشرية والتى ستجىء
طز في عصور الانزواء والانكسار والرداءة . وطز في كل من كان ذليل ولا اتنفاضش من ذاته الوضيعه قبل المما ت ( في هذه الأثناء ينتشر الرجال المطموسة ملامحهم , اثنان في الخلفية يفردان القميص كالصليب والزوج يذهب اليهما في استسلام . موسيقى مارش يدخل الرجل الثالث أنيقا وغامضا . بعد لحظة تدخل الزوجة وهى رجل يحمل على يده إكسسوار وملابس المراة الذى مثل دورها طوال المسرحية . يقف أمام الرجل الغامض )
الزوجة
:
تمام يافندم
الغامض
:
المؤسسة بتشكر جهدك العظيم وتمثيلك المشرف , ويسعدها
إهداءك أعلى الأوسمة .
الزوجة
:
أنا في خدمة المؤسسة دائما .


                    ( مازال المارش يعلو صاخبا حتى )
                                  


                                       إظـــــــــلام




ملحوظة مهمة :
لا يجب أن يقوم بدور المرأة إلا امرأة فقط وفى الختام م يقوم بالدور رجل . .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

من برنامج المسرح فى الصعيد ---قناة طيبة

من برنامج المسرح فى الصعيد تجربة مسرح المقهورين باسوان اخراج سحر جروبى . برنامج المسرح فى الصعيد رابط المشاهدة   ...