آخران في
الانتظار
سعيد
حجاج
الفصل
الأول
( جذع
شجرة عجوز في منتصف المسرح .الشجرة غير مورقة عــــــلى الإطلاق . توجد عليها
العديد من الأسماء بجميع اللغات الحية . فليكن آخـر اسمين واضحين على الجذع هما
فلاديمير واستراجون , على يمين المسرح يوجد درج منحد ر إلي ما قبل المنتصف قليلا .
يمتلأ المسرح بالعديد من أوراق الجرائد
المتعددة اللغات أيضا وبقايا معلبات للمــــأكـــولات والمشروبات.فوق الشجرة
وبالتحديد على فرعين منها توجد قبعتان باهتتي اللون .كما يوجد أسفل الشجرة حذاء
أسود ضخم . وفى خلفية المسرح توجد العديد من مقاعد الحدائق الخشبية يجلس عليها عدد هائل من الممثلين . ومن الأفضل
أن تكون تماثيل لأنها طوال العرض لن تتحرك . أو بالأحرى أناس تخشبوا منذ فترة من
فعل الانتظار )
_ يدخل صفوان وهو صعلوك في بداية
الثلاثينيات من العمر وهو يحمل خرجا كبيرا . ينظر إلي المكان فترة من الوقت
ويتفحصه تماما ثم يخرج ورقة من جيب سرواله الممزق ينظر فيها مد ققا ثم يضعها ثانية
فى جيبه .
بعد برهة يرى الحذاء اسفل الشجرة
فيقترب منه فى حذر .وحين يطمئن يبدله بحذائه الممزق ويخطو به عدة خطوات فرحا به
.بعد برهة أخرى يخرج صفيرا من فمه . يلمح القبعتين فوق فرعى الشجرة . يقترب منهما
في توجس . وحين يتأكد أن لا أحد يتلصص عليه يمسك بالقبعة التى في متناول يده .
ينفضها جيدا مما علق بها ويضعها فوق رأسه . يجلس ليخرج مرآة من خرجه , وينظر إلي
هيئته . ثم يمتعض من منظره . يخرج أيضا مشطا . يمشط شعره ثم يرتدى القبعة مرة أخرى
ويبتسم ابتسامة عريضة بلهاء .بعد برهة يخلعها ليضعها مكانها على فرع الشجرة . ثم
يحاول الوصول إلى القبعة الثانية وبعد محاولات متتالية من الفشل بعد استخدام
العديد من الإكسسوارات من داخل خرجه يخرج من المكان ضجرا وجميع أشياء ه مبعثرة على
الأرض .
_ يدخل عزوز وهو شاب أنيق الى حد ما
ينظر للمكان ثم يخرج ورقة من جيبه ثم يطويها ويقذف بها الى الأعلى فيلمح القبعتين
على فرعى الشجرة يمد عصاه ليحصل بسهولة على القبعة الأعلى . ينفضها ثم يرتديها
ويذهب بعيدا ليجلس مدندنا بإحدى الأغنيات . بصوت عال آخذ فى الخفوت التدريجى حتى
لانكاد نسمعه حين يدخل صفوان .
_ يدخل صفوان يحمل حجرا يضعه أسفل
الشجرة ليحصل على القبعة العليا فلايجدها . يستغرب للحظات الى أن يلمح عزوز جالسا
وهو يرتدى القبعة . فيذهب اليه .
صفوان : هل تسمح ؟
عزوز : " ينظر إليه مندهشا "
صفوان : قبعتي .
عزوز :
"يقف ويخلع القبعة ويعطيها له في احترام فائق وهو مازال يدندن بأغنيته
"
صفوان : شكرا .
( يذهب صفوان للجانب
الآخر من المسرح ليدندن
بأغنية
هو أيضا . تتداخل الأغنيتان ينظر كل منهما
ثم
ينفجران فى الضحك )
صفوان : الطقس اليوم حار .. مع أننا في المساء الطويل
" صمت " انها ليست قبعتي تماما , لكنني عندما رأيتها للمرة الأولى .
أحسست أنها أثيرة بالنسبة لي حتى أنني لا أستطيع الاستغناء عنها "صمت "
قلت في عقلي أنها ربما تركت لى ولم تترك لك . " صمت " على كل لو أردت
انت الاحتفاظ بها فاقبلها هدية منى .
(يذهب إليه في احترام
ويقدمها له )
عزوز : أشكرك . ليست مناسبة تماما ولا أحب ارتداءها
في هذا الطقس البارد " صمت " انه يوم شديد البرودة فعلا ." صمت
" اننى أفضل أن أكون عا رى الرأس وجا ئعا
.خصوصا فى هذه المواسم التي تلفها البرودة .
صفوان : " مستغربا " بارد .؟ " صمت
" لقد قالت لي زوجتي مرة أنها تحب أن تراني يوما مرتديا قبعة كالأجانب .وها
قد تحققت أمنيتها الغالية . وعلى ذلك أعتقد أنني سأذهب إليها يوما . فيما بعد يعنى
لكي ترى القبعة " صمت " لابد أنها ستفرح كثيرا . أليس كذلك ؟
عزوز : أنا لا أعرف زوجتـك .
صفوان :هل زوجتك أيضا ؟
عزوز : مالها ؟
صفوان
: ستفرح حين ترى القبعة ؟ هل تمنت يوما أن
تكون لك قبعة ؟
عزوز : انا لست متزوجا .
صفوان : هذا أفضل ألف مرة .
عزوز : لماذا ؟
صفوان : يعنى لو كنت متزوجا مثلى وتمنت زوجتك أن تكون
لك قبعة مثلها عندئذ كنا سنتنازع بشأنها وربما يصل النزاع بيننا إلى حد القتال بين
شخصين بريئين كل خطاياهما انهما قد تزوجا ذات يوم "صمت " النساء هكذا لا
تجلب غير النزاع والعنف .
عزوز : " يهز رأسه مبتسما "
صفوان : " جادا " كما أنك انت نفسك كنت
ستحرمني منها إلى الأبد ذلك ان بقيت على وجه الأرض حياه . الحمد لله .
عزوز : لأنني لست متزوجا ؟
صفوان : لأننا لم نتنازع بعد .
( يضحكان . تمر لحظة صمت
لا يجد كل منهما
ما يقوله للآخر )
صفوان : هل تعلم ؟
عزوز : " ينظر له متسائلا"
صفوان : هل تعلم أنني آتى من آخر الدنيا إلى هنا كل
يوم .
عزوز : كل يوم ؟
صفوان : كل يوم .
عزوز : كل يوم !!؟
صفوان
: " مؤكدا " كل يوم .
عزوز : غريبة .
صفوان : ألا تصدقني ؟
عزوز : أنا أيضا آتى من أول الدنيا كل يوم .
صفوان : كل يوم ؟
عزوز : كل يوم .
صفوان
: كل يوم ؟
عزوز : كل يوم .
صفوان : كل يوم .. كل يوم ؟
عزوز : كل يوم .. كل يوم .
صفوان : أنا لم أرك هنا من قبل .
عزوز
: ولا أنا .
صفوان : مع أنك قلت منذ لحظة صغيرة أنك تأتى كل يوم
فعلا . ألم تقل ذلك فعلا . ؟
عزوز : أنا لا أكذ ب مطلقا .
صفوان
: ولماذا لا تكذب مثلا ؟ هل تظن انك حين
تفعل ذلك أتألم مثلا أو شيئا من هذا القبيل ؟ بالعكس إنني أفرح جدا .
عزوز : تفرح ؟
صفوان : لأننى أجد من يشاركني خصالي في هذا العالم .
كما أنني لا أشعر با لوحدة . لا أريد أن أتمتع وحدي بهذا الامتياز المتفرد .
عزوز : لا . أنا رجل شريف .
صفوان : وهل ينتظر الشرفاء أيضا هنا ؟
( تمر فترة صمت
طويله )
عزوز : يدندن بأغنيته "
صفوان : هل سمعت عن تلك البلدة التي غزاها الجنود ذات
ليلة فهرب الرجال جميعهم وبقيت النساء تنتهك اعراضهن ويفض الجنود عذرية كل فتاه .
الا واحدة اختبأت ولم يطالها أحد ولما خرج الجند من البلد ة وتباهت الفتاة
بعذريتها التى لم تمس خشيت النساء من شرفها ففضضن عذرية البنت بأصابعهن .
عزوز :
عفوا هل تحدثني ؟
صفوان : نعم . النساء أنفسهن خفن من الشرف .قلن سيعود
الرجال ويعرفن الحكاية ثم سين وجيم . سين وجيم فيطأطئ الجميع رؤسهن الا واحدة ؟ هل
هذا معقول ؟
عزوز : سامحنى . انا لاأفهم ماتود أن تشرحه لى .
صفوان : نعم ؟ " صمت " الحياة الشريفة
تحتاج إلى أنبياء صب الله عليهم رضوانه وعصمهم من الذ لل ووقاهم شر الحاجة أيضا
يعنى . أما نحن فما علينا إلا نفعل شيئا واحدا . يفض كل منا عذرية الآخر لو جاز
يعنى التعبير لكى نتساوى جميعا فى الأعين وانا لا أستطيع الوثوق فى أنك نبي وأنك
مازلت محتفظا يعنى ب...
وان كنت تدعى ذلك فادع لنا ربك يمن
علينا بمائدة من السماء وقل له صفوان يحب كل شئ لم يذقه من قبل . أو حتى ذاقه من
قبل . لافرق . انا فعلا جائع .
عزوز : " عزوز يبتسم مأخوذا "
صفوان : " مستمرا لكن بعنف الى حد ما "
إخلع عنك هذه الهواجس . انت لست نبيا ولا تستطيع أن تمثل هذا الدور وتتقنه وتقنع
الجميع به . إن كلا منا يحبذ زلل الآخر . عندها سيكون ممتنا لله لأنه ليس هو
الوحيد القذر على وجه الأرض . وساعتها
سيتأكد أنه لن يكون وحيدا فى الجحيم
. بل هناك الملايين الذين سيحاول الإختباء بينهم فى النار . كن شهما واعترف
. أليس كذلك ؟
عزوز : " مستغربا ومأخوذا . ومهادنا "
أعترف .
صفوان : " يخرج الورقة من سرواله ويقدمها له
مستهزئا " وهذا يا ولدى صك الغفران " ينفجر فى الضحك ويذهب بعيد ليستلقي
على الأرض"
( يمر صمت مشوب بالرهبة
من جانب عزوز )
عزوز : " لنفسه " أريد أن أستريح حتى
يأتى .
صفوان : من ؟
عزوز : ماذا ؟
صفوان
: من هو ؟
عزوز : شىء ما .
صفوان :هل هو نفس الشيء الذي ننتظره كل يوم ؟
( يخرج ورقة أخرى من جيب
سرواله )
صفوان : هل هو نفس الشيء المكتوب هنا ؟هل تقرأ ؟
عزوز : أعرف .
صفوان : القراءة ؟
عزوز : انك تنتظره أيضا .
( تمر فترة صمت , يخلع
صفوان القبعة )
صفوان : تضايقنى جدا . سأحرم زوجتى من متعة رؤيتي
مرتديا قبعة تمنت أن تراني بها يوما ." هل تأتى هنا في المساء فقط ؟
عزوز : كل مساء .
صفوان : وأين تقضى بقية اليوم بطوله ؟
عزوز : لا أعرف .
صفوان : " صمت " خيرا لك ألا تعرف شيئا فى
هذا العالم . إنني أحيانا أقول لنفسي هل لو كان الله يعنى خلقني حمارا أو شيئا آخر
مثلا كنت سأعاني كل هذا الانتظار وكل هذه الحياة ؟دعك من مسألة حمل الأشياء . فأخى
يحمل الاثقال ويجتاز أرقاما قياسية , بل يأخذ فيها ميداليات كثيرة ومع ذلك لا يتعب
ابدا .
عزوز : وماذا تعمل انت ؟
صفوان : أقضى اليوم كله متسكعا فى الشوارع النتنه .
أنظر فقط داخل البارات الوضيعة التى ارتصت على الجانبين منذ العهد البائد .هل تعرف
أنظر فقط , انا لا أملك رفاهية الدخول إليها مثلا "صمت"هل تعرف لقد
تركوها لكي ننسى أزماتنا . أو بالأحرى كى ننسى أننا قد خلقنا سدى . هل تعرف ؟
دائما ما أقول بيني وبين نفسي . أن اللصوص حتى أحق منى بالحياة . انهم يتسلقون
ويشقون الجيوب ويستخرجون حتى أوراقا مكلفة ليقترضوا بها ماشاءو ا. أنهم يتعبون أما
أمثالنا من الدهماء والرعاع فخير لهم أن يمكثوا دون فعل شىء . ظانين أن هذا هو قمة
الشرف والسلوك الحسن . أحيانا أقول أيضا بيني وبين نفسي إن القناعة نفسها لا تعدو
أن تكون سوى كلمة بلهاء اخترعها أولئك الكسالى الذين لا يحسنون فعل شىء ولا حتى
يريدون . هل تعرف ؟ ان بلادنا أغنى بلاد العالم لأنها منهوبة منذ بدء الخليقة
ومازالت واقفة للآن.واقفة كبقرة حلوب .لم يبق فى ضرعيها الا الدم الذى ينبثق فى
وجوه أمثالنا . والباقى من اللبن بالكاد يكفى السادة .الحياة راكدة .. الحياة
كالبحيرة الراكدة .. لابد من حجر يلقى لكي يحرك ركودها العفن .
عزوز : لقد طردتني أمي في الصباح الباكر. وأقسمت
أننى لن أدخل البيت إلا إذا التحقت بعمل ما . حتى ولو فى المراحيض العامة . أوحتى
المواخير . حاولت إقناعها أنه لاجدوى من أى شىء فلم تقتنع ابدا .
صفوان : وماذا فعلت ؟
عزوز : لم أفعل شيئا .
صفوان
: ولماذا لم تفعل شيئا ؟
عزوز : لأنه لاجدوى من أى شىء .
( صمت )
صفوان : وبعد ؟
عزوز : أفكر فى خلع حذائى . هل ستخلع الحذاء أيضا ؟
صفوان : هذه القبعة تقيك من الشمس . خذها .
عزوز : لقد عزمت على المبيت هنا . لن أذهب للبيت .
الليل طويل .
صفوان : تقيك من المطر .
عزوز : ألم تقل إن الطقس حار ؟
صفوان : لاشيء يبقى على حاله . ربما يأتى الشتاء الآن
فجأة .
عزوز : " يأخذها ويرتديها " قبعتك ؟
صفوان : ليست قبعتى لكنها مهمة بالنسبة لى .
عزوز : ملك من اذ ن ؟
صفوان : ليس مكتوبا عليها أى شىء .
عزوز : " يخلعها وينظر داخلها " مكتوب
عليها .
صفوان : ماذا ؟
عزوز : بالفرنسية .
صفوان : هل تعرف الفرنسية ؟
عزوز : قليلا .
صفوان : ماذا ؟
عزوز : استراجون .. جوجو . هي ملك استراجون .
صفوان
: " مستغربا " من ؟ من ؟
عزوز : جوجو .
صفوان
: وهل فهمت أولا لتترجم ثانيا ؟
عزوز : استراجون هو جوجو نفسه .
صفوان
: هل تعرفه ؟
عزوز : كان من زمن طويل ينتظر جود و .
صفوان : جوجو ينتظر جود و .. سجع محكم .
عزوز : ليس محكما بالضبط .
صفوان : تقريبا يعنى . هل تعرف القواعد ؟
عزوز : تقريبا يعنى .
( يضحكان ثم تمر فترة صمت
طويلة وهما
فى استرخاء ثم ينتفض عزوز
فجأة )
صفوان : هل ستغادر الآن ؟
عزوز : لا .. ليس الآن .
صفوان : متى ؟
عزوز : حين يأتى حاملا عشبه الأخضر وبرتقاله البهى
.
صفوان : وهل سوف يأتى ؟
عزوز : أولا هل أنت مؤمن بمجيئه ؟
صفوان
: مؤمن بجدوى مجيئه للعالم كله . لكننى لا
أعرف متى يحدث هذا .
عزوز : سيأتى حاملا عشبه وسندسه الأخضر وبرتقاله
البهى .ومالديه من ذهب لأمثالنا .
صفوان
: وهل تحب البرتقال ؟
عزوز : لماذا تسأ ل ؟
صفوان : لأتحاشى الملل فقط لاغير .
عزوز : وهل مللت ؟
صفوان
: لكننى على كل حال سأنتظر .
عزوز : تنتظر من ؟
صفوان : " صارخا " هو .. هو .
عزوز : حسنا .. لا تغضب .
( يتحرك صفوان نحو القبعة
الأخرى المعلقة فوق
الشجرة . ينظر داخلها
ويصيح )
صفوان : اسمع . وجدت كتابة أخرى فى القبعة الأخرى .
عزوز : أرني .
صفوان : " يعطيها له " هي لمن ؟
عزوز : فلاديمير .. ديدى .
صفوان : كان أيضا ينتظر ؟
عزوز : " يهز رأسه بالإيجاب ."
صفوان : هو و جوجو معا ؟
عزوز : هو وأستراجون.
صفوان : نعم . هو واستراجون فاهم .. فاهم .
عزوز : فعلا ؟
صفوان : منذ متى ؟
عزوز : منذ ألاف السنين .
صفوان : " ساخرا " آلاف السنين ؟
عزوز : ليس مكتوبا عليها أي شئ آخر .
صفوان : قلت انه مكتوب عليها فلاديميـر .
عزوز : فقط فلاديميـر .. مكتوب عليها فلاديميـر فقط
.
صفوان : حسنا .. حسنا .. لاتغضب . اننى اسأ ل فقط .
عزوز : لابأ س .
( عزوز يجلس بينما يتأهب
صفوان للخروج )
عزوز : هل ستغادر الآن ؟
صفوان : " يخرج ونسمع صوته من الخارج ) ليس الآن
.
عزوز : ماذا تفعل اذ ن ؟
صفوان
: لاشىء .. لاشىء .
عزوز : اسمع .. نسيت أن أسألك عن اسمك . ماهو اسمك
؟
صفوان : اسمى .
عزوز : نعم .
صفوان : لحظة .. انتظر لحظة " صمت طويل "
عزوز :
ها .. تذكرت ؟
صفوان : ماذا ؟
عزوز : ماذا ؟
صفوان : أسمى ؟
عزوز : نعم .
صفوان
: صفوان.
عزوز : " صمت " ماذا تفعل يا صفوان ؟
صفوان : لاشىء .. وأنت ؟
عزوز : لاشىء .
صفوان : اسمك .. اسمك .. انا أسأ لك عن اسمك .
عزوز : أنا ؟
صفوان : نعم .
عزوز : عزوز .
صفوان :
" صمت " ماذا تفعل ياعزوز ؟
عزوز : لاشىء .
( يدخل صفوان 2 وهو سمين
الى حد ما ومختلف
عن صفوان الأول تماما )
صفوان2 : عارف .. عارف .
عزوز : لماذا خرجت اذ ن ؟
صفوان2 : لنغير المنظر فقط .. هل تجرب أنت أيضا ؟
عزوز : لعبة لطيفة ؟
صفوان2 : جدا .
عزوز : حسنا فلنبدأ الآن .
( يخرج عزوز. وتمر لحظة
طويلة .. مما يجعل
صفوان 2 يشعر بالقلق )
صفوان2 : عزوز " لارد " أين ذهبت " لارد
" ماذا حدث لك ؟ هل تحتاج لمساعدة منى ؟ أنا خدامك . لماذا لاترد ؟ ياإلهى ..
لقد تركنى الرجل وحيدا هنا . مثل كل يوم .. إنني لا أصدق مطلقا انه يأتى كل يوم
دون أن أراه .ومع ذلك فأنا لا أستطيع الا أن أصدق مايقوله تماما .. كزوجتى مثلا .
فهى عاهرة محترفة لكنها تحافظ على سمعتها كأفضل مايكون الحفاظ على السمعة . انا
متأكد أنها معذ ورة أيضا .فماذا تفعل ؟ " ينشد شعرا "فى بلد تتعرى فيه
المرأة كى تأكل. لايوجد مستقبل .ولايوجد أيضا رجال ." يضحك "هل تعرف
ياعزوز؟ لقد صرت حقا صديقى من الآن فصاعدا .. فلترتد وسام الصداقة من الدرجة الأولى
والذي أمنحه لك عن طيب خاطر .. مثلما منحتك من قبل صك الغفران من الدرجة الأولى
ايضا ." يلبس شخصا وهميا قلادة وهمية على أنغام الموسيقى "هل تعرف ؟ تلك
هى المرة الأولى التى أصادق فيها أحدا .ربما لأنك مثلى تأتى كل يوم كى تنتظر شيئا
ربما لايجىء .. وربما لايكون موجودا بالمرة .. انا لاأعرف .. صدقنى أنا ايمانى
مزعزع مما أراه واسمعه كل يوم عن تلك المجازر القاسية والبرد والجوع والامتهان
الإنساني . عزوز ؟ اين أنت ؟ انه شىء لايطاق .. ربما يكون قد مل الجلوس هنا
والحديث المكرر والمعاد والذى لا يعبر عن شىء ولا يبوح بشىء . ربما يكون قد ذهب
الى الحديقة التى فى الخلف .. اسمع . صدقنى انها ليست حديقة ولاحقل .. بل ربما
يكون حقل ألغام أوغابة كثيفة للوحوش الضارية .. " صمت " لابد أن مكروها
قد وقع له .أو أن شريرا قد طارده حين تطلع للمسير خلف الوادى .. " ضجرا
" عزوز ..اسمع لقد خلعت عنك وسام الصداقة من الدرجة الأولى والذى سبق أن
منحته لك عن طيب خاطر ولن أعيده مرة أخرى لك .ابدا وان لم تأت مسرعا لأخذت منك صك غفرانى أيضا .
( يجلس ويخرج
أشياءه من الخرج )
لقد أحضرت الشاي وأحضرت كوبين ..
واحدا لى .. وواحدا لصديق افتراضى قلت ربما القاه ذات يوم هنا .. وأنا منهك من
الانتظار الطويل ." صمت " لقد قررت ألا أبرح المكان ثانية الا حينما يجئ
ويمنحنى وجودى الحقيقى أوحتى موتى الحقيقى .. توقى للحقيقة يقض مضجعى دائما وابدا
.. " ينادى "جودو .. انا أنتظرهنا منذ ألاف السنين كألاف من انتظروك فى
هذه البقعة من العالم ..اننى آتى اليك كل يوم فى المساء كى لا يرانى أحد وأنت
تمنحنى او تسلب منى ماتشاء " ينادى " جودو أنا هنا فانظر عن يسارك الينا
تحت الشجرة الخريفية الذابلة وبين الورق الأصفر المتآكل وأوراق الجرائد المسطورة
بكل الدماء المسفوحة من البشرية .. جودو .. أنا هنا انتظرك ولن أعود الى المنزل
لافى هذا المساء ولا فى أى مساء آخر ... لقد أحضرت خمرى ونبيذي حتى اذا ماغبت عنى
أغيب أنا عنك .
( يدخل عزوز
مرتجفا وخائفا )
صفوان : عزوز قاسمني نبيذي ياعزوز .أين كنت ؟ اسمع لن
تلعب هذه اللعبة مرة أخرى لاتحاشيا للملل ولا تغييرا للمنظر .. وليذهب العالم الى
السعير والشتات .
عزوز : لقد طردتنى ثانية من البيت .. وقالت لابد أن
تعمل فى مهنة ما .. لتربح كثير جدا .. ذلك حتى تملأ الجرة ذهبا ونرحل فاننا بلا
بيت ولا وطن .. ولما لم يكن ذلك سهلا فقد قررت المجىء مرة أخرى .هل باستطاعتك أن
تمنحنى عملا .؟ هل يمكنك فعل ذ لك؟
صفوان2 : " مضخما صوته ومتخذا هيئة عظيم " هل
تعمل عندي ياعزوز؟
عزوز : وهل ستمنحني أجرا كبيرا ياسيدى ؟
صفوان2 : حتى تملأ امك جرتها ذهبا .
عزوز : وماذا سأعمل عندك ياسيدى ؟
صفوان2 : سوف تنتظر .
عزوز : انا أنتظر دون مقابل ياسيدى .
صفوان2 : فليكن دون مقابل كما أردت ياعزوز .
عزوز :وهل سيأتى ياسيدى ؟
صفوان2 : بلاشك .
عزوز :وهل سوف يمنحنى عملا واجرا كبيرا ؟
صفوان2 : لن يمنح أحدا عملا لكنه ربما يمنح أجرا ياسيدى
.
عزوز : هل زوجتك تنتظر الآن ؟
صفوان2 : " يخرج من شخصية العظيم " لقد طردتنى
من البيت وأبلغت عنى الشرطة بدعوى أننى لم أعد رجلا .. وليس باستطاعتي أن أن
.. انت فاهم ؟
عزوز : انت أيضا ؟ .. وماذا فعلت ؟
صفوان2 :. انهم ماديون. فماذا تظننى فعلت .؟ خمن أنت .
عزوز : ولماذا تزوجتك ؟
صفوان2 : يبدو انها أرغمت على ذلك .
عزوز : وانت لماذا تزوجتها .؟
صفوان2 : ياسيدى لا تسأل رجلا لماذا فعل هذا بنفسه ..
فدائما مايكون هذا الأمر دون مبرر .
عزوز : كيف ؟
صفوان2 : ككل شىء .. انتظارى وانتظارك ..زوجتى وامك ..
كلهن نساء دائما ما يقدمن على أى شىء يضجر الرجال او يجعلهم .. فاهم ؟
عزوز : ": صمت " هل استرحت الآن ؟
صفوان2 : ربما حين أخلع رأسي كالحذاء .
عزوز : هل تعبت ؟
صفوان2 :نعم .. وانت ؟
عزوز : انا رجل مترد د احيانا أؤمن وغالبا أكفر بكل
شىء .. لكن ماأدركه جيدا اننى أموت انتظارا " يخرج سكينا ضخما ويقترب من
صفوان وصفوان فى شدة الرعب "
صفوان2 : ماهذا ؟
عزوز : هذا سكين حاد .
صفوان2 : ولماذا تحمل سكينا ؟
عزوز : لكى تقتلنى وتصلبنى فوق هذه الشجرة العجوز
.. لعل دمائي تعيد اليها ربيعا زائلا .. فأكون قد سجلت شيئا نافعا فى موتى .. شيئا
لم أستطع فعله طوال حياتى .. لكن ارجوك ياسيد صفوان احفظ قلبى لديك فلا يلمسه تراب
أو يغرقه غسق ما .
صفوان2 : اهدأ ارجوك .
عزوز : الليل كئيب والوحش الأسطوري يزور المدائن كل
يوم .. فيغتصب النساء ويسلب الرجال عقولهم والأطفال خضارهم السخى .. ليتركهم غير
صالحين لشىء.. ونصبح نحن مدافعون أغبياء عن مواقع مهزومة .
صفوان2:
أيها الرجل كنت أظننى وحدى الذى يعانى أكثر مماينبغى . لكننى الآن ادركت أن مثلى
كثيرون لكننى غير مدرك لشىء هام . .اجلس ياعزوز وحدثنى كصديق .
عزوز : ان المصائب لا تأتى فرادى ..بل انها تتجمع
لتتوالى فوق رأس الضعفاء .. صفوان .. ان كنت تريد أن تظل صديقى الى الأبد ف... هل
تحب أن تكون صديقا الى الأبد ؟
صفوان2 : طبعا .. بلا شك .
عزوز : اذن اقتلني الآن واصلبني فوق هذه الشجرة
وبعدما يتملى منى المارة جيدا أنزلني
وادفني خلف القلعة التى تحجب القاهرة بكل مافيها ومن فيها ..
صفوان2 : اهدأ ارجوك .
عزوز : " فى ثورة " اقتلنى ياابن البغى
فلاحاجة لى بالحياة مادام الموت هو سيد الموقف ونحن لا نفعل شيئا سوى أننا نحيا
كببغاوات فقط نردد مانسمعه . ونفعل مايملى
علينا دون تفكر أو رغبة آه .. لا تنس ان
تزف لأمى الخبر اليقين .
صفوان2 : قد يأتى الآن .
عزوز : لن يأتى .
صفوان2
: وماأدراك ؟
عزوز : سيرسل لنا فى الطريق بمن يخبرنا أنه لن يأتى
مثل كل يوم .
( يدخل فى هذه اللحظة رجل
يجر طفلا بحبل )
الرجل : ها أنا ذا أتيت من جبل الأوليمب ومازال
سيزيف يد حرج الحجر من أول الدهر الى الآن .
صفوان2 : هل انت من ننتظره ياسيد ؟
الرجل : لقد جئت اليكم لكى أنتظر معكم وهذا أبنى
سينتظر معنا أيضا .
صفوان2 : لماذا تجره هكذا ؟
الرجل
:لأنه ابنى واخشى أن يمل الانتظار ويلعب
بعيدا فتلتصق الدماء بحذائه الأبيض اللامع .. وانا لا أستطيع ان أبتاع له حذاء
جديدا ابيضا ولا معا ." يربطه فى الشجرة "اياك أن تفك الحبل أو تفعل شيئا دون مشورتى .هاههم الرجال ينتظرون
ولا بد ان تكون رجلا انت ايضا وتنتظر
الطفل : اريد أن العب .
الرجل : كيف تتفوه بهذا ؟ تريد أن تلعب بينما أنا
أنتظر كل هذا الانتظار كل يوم .؟
صفوان2 :وهل تأتى الى هنا كل يوم ؟
الرجل
: كل يوم .
عزوز : كل يوم ؟
الرجل
: نعم كل يوم .
( تمر لحظة صمت طويله .
يجلس صفوان وعزوز فى
جانب والرجل فى المنتصف يحد ث ابنه
بصوت غير مسموع )
صفوان2 : عزوز .. قل انك مسرور حتى ولو لم يكن ذلك صحيحا
.
عزوز : اننى مسرور .
صفوان2 : وانا كذلك .
عزوز : وانا كذلك .
صفوان2 : اننا مسروران .
عزوز : ماذا نفعل الآن ونحن مسروران ؟ اسمع دعنا فى
هذه الأثناء نتحدث بهدوء دون أن نحاول أن تجرفنا الشعارات والحماس الحار .. مادمنا
عاجزين عن أن نظل ساكتين.
صفوان2 : انت على حق .. فحديثنا لاينضب .
عزوز : ودون أن نفكر .
الرجل : " فى الجانب الآخر " يجب أن تهتم
بدروسك والا فإنك لن تنجح ابدا فى حياتك .
الطفل : لم احضر كتبا معى .
الرجل
: ليس مهما .. لقد أحضرت معى قلما للكتابة .. لكن أولا على أن أعرف ماذا ينبغى أن
تكتب .
الطفل : ليس معى كتبا ولا كراريس ولا أى شىء .أنك
لم تشتر لى شيئا ولم تمنحنى مالا لأفعل ذلك
.
الرجل : " يكسر القلم ويقذفه بعيدا " ليس
مهما أن تنجح .. فماذا فعل الناجحون .. فجميعنا ينتظر .
عزوز : صفوان .
صفوان2 : نعم .
عزوز : " يحدق فى وجهه " انت لست صفوان
الذى فتحت عينى على مرآه .
صفوان2 : وماهى المشكلة .. مادمت أعرف بماذا أتكلم معك
فلأكن أنا صفوان .
عزوز : الآخر كان مختلفا .
صفوان2 : هى مسألة شكليه فحسب .
عزوز : لا
بأس أنا أيضا لست عزوز
صفوان2 : لا بأس " يضحكان حتى يستلقيا على الأرض
"
الاثنان
معا : نحن لسنا نحن .
صفوان2 : " بعد فترة صمت فى استرخاء تام " اننى مريض .
عزوز : " فى استرخاء " وانا طبيب .
( يقوم عزوز
ليتحسس جبهة صفوان ويضع
رأسه على قلبه ثم
ينتفض فزعا )
عزوز : حرارتك مرتفعة الى أقصى حد .. ونبضك ضعيف
.اسمع سأنتهز هذه الفرصة وأحضر بيضا لأضعه على
جبهتك ..
صفوان2 : " ينظر له مستفهما "
عزوز : الم تقل انك جائع ؟
صفوان2 : لم أعد جائعا .. صرت مريضا .
عزوز : انت عندك بارانويا .
صفوان2 : ماذا ؟
عزوز : يبدو أنك ستعيش طويلا .
صفوان2 : " باكيا : لماذا بالله عليك ؟.
عزوز : ألا تريد ذلك ؟
صفوان2 : عمرى لم أفكر فى هذا .. انا لا أفعل شيئا
ياعزوز .
عزوز : هل تكره كل الأغنياء ؟
صفوان2 : غالبا .
عزوز : ألديك نزعة طبقية .
صفوان2 : فعلا .
عزوز : لماذا ؟
صفوان2 : لأنهم يموتون سريعا من التخمة دون أن يفعلوا
شيئا حقيقيا .
(صفوان يغنى
أغنية بصوت أجش ساخر )
أتت لى أمى بالنبيذ لكى أنسى .. فما
نسيت .
أتت لى أمى بالخبز لكى آكل .. فما
شبعت .
أتت لى أمى بدراجة لكى أركب .. فما
وصلت .
ثم بحلوى .. ثم بقارب .. ثم غرقت .
أتت لى أمى بنهدى حليب فرجعت صغيرا ..
وارتشفت .
صفوان2 : " فجأة ينهض " قص لى حكاية ياعزوز .
الرجل : " فى الجانب الآخر يقص حكاية لإبنه
" كان هناك طفل ضال .. جائع مارا جوار ملجأ .. فغافـل الحراس ودخل لكي يستريح
. فرآه الجزار .. فهوى على رأسه بالساطور فخر صريعا .. فرمى جثته فى المدينة وسط
العمار .. لم يره أحد .. فرأته الكلاب فنبحت طويلا .. وحين يئست دفنته وحيدا فى
المدينة .. وجاءت بلافتة .. كتبت عليها : كان هناك طفل ضال جائع مارا جوار ملجأ فغافـل الحراس ودخل لكى
يستريح فرآه الجزار فهوى على رأسه
بالساطور ورمى جثته بعيدا في المدينة وسط العمار ..فرأته الكلاب .فنبحت طويلا وحين
يئست دفنته وحيد في المدينة وجاءت بلافتة كتبت عليها : كان هنا ....
( يستمر فى تكرار
الحكاية بصوت خفيض )
عزوز : الكلاب تحفظ التاريخ نيابة عنا ياصفوان .
صفوان2 : ماذا ؟
عزوز : اسمع .. لقد عزمت على شىء هام .
( يدخل غلام على
وجهه سيماء الابرار ملتفا
بملابس بيضاء
ووشاح أبيض )
الغلام :هل هو أنتم ؟
الجميع :
"يهبون واقفين يلتفون حول الغلام " نعم نحن .
الغلام :لقد عرفت أنه لن يأتى وقد جئت لأخبركم .
عزوز : هل تعرفه ؟
الغلام : أنا أعمل لديه .
صفوان2 : خادما ؟
الغلام : بل عبدا مطيعا .
عزوز : وهل انت مستريح هناك ؟
الغلام : لايعرف الراحة الا مطيع .
صفوان2 : اذن متى يأتى ؟
الغلام : لم يخبرنى بأكثر مما أخبرت الآن .
الرجل : الولد جائع ويريد أن أفك وثاقه الآن . فماذا
أقول له ؟
الغلام : ليس لى شأن بهذا .
الطفل : " باكيا " لماذا لم يخبرنا بموعد
مجيئه الينا ؟
الغلام : لن يخبر احدا قط بموعد مجيئه اليكم .
( يخرج فيعود كل
الى مكانه منكسرا )
صفوان2 : لا بأس سننتظر .
الرجل : ومعه يرد د الطفل المقطع الأخير من الحكايه
" وجاءت بلافتة كتبت عليها كان هناك طفل ضال جائع مارا جوار ملجأ فغافـل
الحراس ودخل لكى يستريح فرآه الجزار ..فهوى على رأسه بالساطور فرمى جثته بعيدا فى
المدينه فى العمار فرأته الكلاب فنبحت طويلا وحين يئست دفنته وحيدا .
عزوز " ومعه صفوان يرد دان مع الرجل والغلام
الحكايه حتى تعلوا الأصوات حتى تخفت الاضاءة تدريجيا "
صفوان2 : الكلاب تحفظ التاريخ نيابة عنا ياعزوز .
اظـــلام
الفصل الثانى
(نفس المنظر
السابق لكن القمامة ازدادت بشكل كبير وملفت
)
ـ عزوز يجلس وحيدا جانب الشجرة متها لكا . يخلع
القبعة يضعها على الأرض جوار الشجرة .. ثم بعد برهة يتحرك الى الشجرة يحمل سكينا
ليحفر أسمه بعد آخر اسمين على الجذع الضخم .
ـ يدخل صفوان يحمل خبزا .
صفوان : انك دائما ماتتركنى وحدى
هكذا .. ازرع القمح وأحصده ثم أصنعه خبزا . وانت جالس هكذا لا تصنع شيئا ولاتدرى
ماتفعل .
عزوز : هل أكتب اسمك ؟
صفوان2 : هل يئست ؟
عزوز : كم من الأعوام مضت ومازال كل شىء راكنا الى
لاشىء .
صفوان2 : الاتد رى .
عزوز : ماذا ؟
صفوان2 : لقد ابلغت زوجتى عنى الشرطة واننى غائب من زمن طويل .
عزوز : هل اكتب اسمك ؟
صفوان2 : ولما لم تجدنى الشرطة كلها .. رفعت زوجتى
قضية نفقه فى جميع المحاكم الدولية والمجالس النيابية والامم المتحدة .. فرفضت
دعواها .. هل تعرف لقد قال لها احد القضاه : من هو هذا الشىء الذى ترفعين ضده
الدعوى اننا لم نجد اى اشارة عنه فى أى من سجلات الدولة .. انت ترفعين دعوى ياسيدتى
عن شىء غير موجود على الاطلاق .قالت زوجتى : انه زوجى ياسيدى . قال لها القاضى كيف
يكون ذلك ياسيدتى وانت مازلت بكرا .
عزوز : يبدو انك مازلت نائما تحلم .
صفوان2 : ابدا .. انا لم احلم طوال عمرى ياعزوز .
عزوز : اذن ماأدراك بكل هذا الخرف الذى تتفوه به
؟
صفوان2 : جريدة قذفتها الريح . لقد تحدثوا عن كل شىء
بالتفصيل .
عزوز : لا بأس .. لقد جعت ولا أستطيع فهم أى شى
مما تقول .
صفوان2 : تفضل هذا هو ماصنعت من الخبز .
عزوز : خبز فقط ؟ كل يوم خبز فقط .. كل يوم خبز
فقط .. سنموت من التكرار .
صفوان2 : كنا هناك أيضا نموت من التكرار .. فما الذى
تغير هنا ؟
( يجلسان
يأكلان بينما عزوز يأكل متقززا)
صفوان2 : مالك تأكل هكذا ؟
عزوز : " فى عصبيه " علمنى ايضا كيف
اتناول الطعام ايها السيد .. انك لا تطاق .لقد تصورت انك أمى أو معلمى وأبى ..
اسمع لو ظللت هكذا كثيرا فسوف أموت هنا
وكل هذا بسببك انت .. وامى ايضا .
صفوان2 :امك ماتت منتحرة منذ فترة طويله .
عزوز : " ساخرا " ماتت؟
صفوان :وتركت لك كل شىء .
عزوز : من قال هذا ايها المخرف العظيم ؟
صفوان2 : جريدة قذفتها الريح من زمن ما .. لكننى أخفيت
عنك الخبر كنت أخاف دائما من حزنك عليها ." يبحث بين الجرائد " أليست
هذه أمك ؟
عزوز : " ينظر للجريدة ثم ينظر له وتمر فترة صمت " انت لا تعرف القراءة .
صفوان2 :من قال هذا ؟
عزوز : انت قلت هذا الكلام من قبل .
صفوان2 : لقد كان هذا فى الماضى البعيد .. اما الآن
فاننى استطيع على نحو ما قراءة جريدة
بأكملها .
عزوز : ومن هو الذى علمك هذا ؟
صفوان2 : الأيام التى مرت كفيله بأن تعلم الانسان
الكفر .. فما بالك بالقراءة .. انها شىء سهل نستطيع ان نتعلمه حين نرغب فى هذا .. انها ليست صعبة على
كل حال .
عزوز : " يتطلع فى الجريدة مرة اخرى . ثم
يقذفها بعيدا " الى الجحيم بكل انواع الخطر .. ارفع هذا الطعام فلن يكفينى
طعام العالم او يروى ظمأى ماءه ايها المغفل .. اننى فرحان ياصفوان فرحان .. لقد
قضى الموت مهمته على أكمل وجه .. أكلها الموت مثلما أكل ابى من قبل .. لقد حزنت
يومها حزنا شديدا عندئذ .. فقد تركنى باسما ضاحكا .. لكنه تركنى لا أستطيع الوقوف
فى وجه هذا العالم .. اننى معجب با لموت ياصفوان حتى الموت .
صفوان2 : انك تهذى .. كيف لك أن تفرح هكذا ؟ لقد أخفيت عنك الخبر طيلة هذه
المدة كى لا يعكر صفوك شىء .
عزوز : لن يعكر صفوى بعد الآن شىء .. اطمئن ..
لقد تركت هناك كل شىء ..تعال معى ياصفوان .
صفوان2 :الى أين ؟
عزوز : لا تسألنى الآن .
صفوان 2 : لن أبرح هذا المكان ابدا حتى يأتى .
عزوز : لقد أتى فعلا .
صفوان2 : " مذهولا " أتى ؟ بعد كل هذا
الغياب ؟ " يرفع يده " ضمنى الآن ياسيدى اليك وشد القذى من عينى .. من
عين العالم .. فقد تعبنا انتظارا .. وان كنت أنا غير فاعل لشىء فان هذا الخلاء
ياسيدى قد منحنى طهرى كى أرجع للعالم مضيئا واخرج وقلبي ابيض من غير سوء .. وسوف
أكون نورا .....
" يكتشف أنه لايوجد شىء "
عزوز اين هو ؟للمرة الألف التى تخدعنى فيها للمرة الألف التى تكذب على فيها .. انك
لم تفعل شيئا طول انتظارك معى سوى استمراء الكذب على ضعيف مثلى .. وليس لديك أى
نية لفعل شىءولا حت الإيمان بمجيئه ..اين
هو ان كنت شهما ؟
عزوز : انه هناك .
صفوان2 : اين؟
عزوز : فى بيتنا ؟
صفوان2 : أى البيوت يسكنها هو ؟
عزوز : انه فى الصندوق الخشبى تحت السرير.. انه
هناك يتكدس فى الجرة .
صفوان2 : انك تهذى .. ما انتظره لايتكدس فى الجرار أو
تحت الأسرة .
عزوز : صدقني انه هناك .
صفوان2 : انه ليس هناك .. ولست أنت بمستطيع أن تجزم
بغير ذلك .
عزوز : استطيع ياصفوان استطيع .. الآن فقط استطيع
فعل كل شىء .
صفوان2 : أحقا ماتقول ؟ لاتحيرنى معك ياعزوز .. فاهم
؟" صمت " اننى بحاجة لزلزال يفتت لى ماابتنته الحياة فى رأسى وتحت ركام
الأسئلة .. أحقا ماتقول فعلا ؟
عزوز : انت تشك اذن فى مجيئه .
صفوان2 : كنت سابقا اشك فى وجود نفسى أما الآن .....
" صمت "
عزوز : انت بحاجة لأن تتكرر المعجزات على مرأى ومسمع
منك .وهذا مالن يحدث ابدا .
صفوان2 : أنا لا أشترط هذا .
عزوز : عمن تبحث ياصفوان ؟ ومن تنتظر ؟
صفوان2 : هه ؟
عزوز : الحذاء ضيق .. اننى بردان .
صفوان2 : انه ليس هناك .
عزوز : أهذا آخر ماعندك ولن تأتى معى ؟
صفوان2 : " مترددا وحائرا " اننى ... هل ؟
انت .. ارجوك انتظره معى .
عزوز : انا لا أستطيع ذلك .. اننى بردان .. لكن
الجرة ستدفىء كل خلا ياي الباردة .
صفوان2 : " يعيش حالة صراع مع نفسه " لا ..
لا .. فليغفر لك فرحك بالجرة .
عزوز : فليكن ذلك .
صفوان2 : فليكن ذلك نعم .. فليكن ذلك . فرحت بالموت
وظللت معجبا به لأنه أهداك الى اصل الموبقات .. ستدفع المال ثمنا لجحيم روحك ..
اذهب يامعجب بموت أمك .. اننى غير معجب بموتك ياعزوز
عزوز : موتى ؟ " يضحك " اننى أتحرك
جيدا. انظر .. أستطيع أن أحرك ذراعي وساقي
في الهواء .. أستطيع أيضا أن ابصق فى وجه العوز والحاجة.. هل تستطيع أنت فعل ذلك ؟
صفوان2 : انا ؟
عزوز : نعم أنت .
صفوان2 : حسنا فلنجرب .
( يقومان
سويا بتأدية رقص حركي يعبر عن صراع كل منهما
الى أن ينهكا تماما )
صفوان2 : "بعد قليل من الصمت "ليس معنى أن
تتحرك أو تبصق انك حى ياعزوز ..الحياة غيرهذا كله .انت لست حيا يا عزوز .
عزوز :" مستهزأ " وليس معنى انتظارك
انك صرت قديسا .. انت أحمق ..
صفوان2 : انا لا أشتهى هذا ابدا .. اننى أتوق لأن أكون
انسانا .. اننى فقط انتظر لأكون انسانا فحسب .
عزوز : حسنا .. توغل فى انتظارك المميت حتى تتعفن
هنا .
صفوان2 : وانت .. تمرغ فى الجرة .. وأرني ماذا سوف
تكون .
عزوز : حسن جدا .. حسن .. " يخرج "
صفوان2 : لقد مات عزو ز" يبكى "
عزوز : " يعود " سوف أزورك كل يوم ..
صفوان2 : لتنتظره معى ؟
عزوز : هل تحب الفاكهة الطرية والنساء ؟
صفوان2 : اذهب ولا تجرنى للمستنقع .
عزوز : النساء زينة الحياه .
صفوان2 : وموتها .
عزوز : رغم انك ياصاحبى قد تعلمت القراءة وحدك ..
الا أنك مازلت جاهلا بأشياء كثيرة .
صفوان2 : فليكن ذلك .
عزوز :الى اللقاء .
صفوان2 :لقد مت .. ولست معجبا بموتك .
عزوز : طز ." يخرج "
(
يدخل الطفل من الناحية الأخرى )
الطفل : ها أنا ذا جئت من آخر العالم حيث
برومثيوس مازالت الطير تأكل كبده ؟
وحيث مازال سيزيف يصعد ويهبط بحجره
.
صفوان2 : انت ؟ اين أبوك ؟
الطفل : انه هناك يحمل الحجر .
( يدخل
عزوز مرة أخرى )
عزوز : " يقترب من الطفل ." تعال معى .
الطفل : الى أين ؟
عزوز : معى .. لقد ورثت كنزا .
الطفل : لا .. سوف أخبركم بشىء .
عزوز : تنتظر اباك ؟
الطفل : لن انتظر أحدا .
عزوز : انه عندى فى البيت ,تحت السرير.
الطفل :.. انه لايسكن البيوت .
عزوز : ابوك كان مخرفا .هاأنت تصيح نسخة منه .
صفوان2 : " صارخا فيه " اتركه معى .. لقد
صار فاهما لكل شىء .
عزوز : سأغرقك بالحلوى .
صفوان2 : سيغرقك بالرضا .
عزوز : ستنام على الحرير .
صفوان2 : ليس فى السعير سوى الشوك .
عزوز : سأحضر لك حذاء جديدا .
صفوان2 : سيأتى لك بقلب كبير .
الطفل : اننى ...
عزوز : موافق هه ؟
الطفل : متى سيأتى ؟
صفوان2 " اننى لأأعرف متى .
عزوز : لن يأتى أحد .
الطفل : انا ذاهب .
عزوز :معى ؟
الطفل : لا .
صفوان2 : ارجوك اتركه .
عزوز : هو يختار .
صفوان2 : هو لم يدرك بعد .
عزوز : ولن يدركه ابدا .
الطفل : بل أدركت كل شىء .
عزوز : وماذا أدركت أيها الفتى ؟" ساخرا
"
الطفل : كلاكما خاطىء .
صفوان2 : " فى ثورة " ماذا تقول أيها الولد
؟ ألست مؤمنا بمجيئه ؟
عزوز : اسمع مايقول الولد .
صفوان2 : الولد لا يعرف شيئا .الم ينتظره فلاديمير
واستراجون وغيرهم الكثيرون ؟ هل كان الجميع على خطأ؟
الطفل : سأذهب .
عزوز : الى أين ؟
الطفل : الى علمى وعملى ." يخرج "
عزوز : انت وحدك ياصفوان " يخرج من
اتجاه آخر "
صفوان2 : ذهب الذين معى وبقيت مثل السيف فردا .
( بعد
لحظات يدخل الغلام فيدخل عزوز أيضا )
عزوز :ما الذى اتى بك؟
الغلام : لن يأتى .
صفوان2 : انت لست خادمه ولاعبده المطيع .
الغلام : ومن أدراك ؟
عزوز : لقد أتى لى .
الغلام : لك أن تعتقد بكذب ما أقول ولن أرد .
صفوان2 : كيف يكون هذا ؟
الغلام : يقول كيف يجىء وهو داخلنا ؟
عزوز : " يضحك "
الغلام : اذهبوا جميعا .. فإنه فيكم الذى تريدون .
عزوز : لقد اصابك الهوس .
الغلام : أبقاكم جميعا هذا الذى ذهب .
عزوز : الى لقاء .
صفوان2 : " متخبطا " وانتظارى هذا .
ص الغلام : ماذا جنيتم من وراءه ؟
صفوان2 : هل كنت أنتظر سرابا كل هذا الوقت أيها
الولد ما الذى افعله الآن اذن ؟.. قل لى
.. هل كنت على خطأ كل هذا الزمن .. ماذا كنت اجنى ايها الولد قل لى .. ماذا بربك
افعل فى هذا العالم والذى أنتظرته لم يمد لى يدا ولم يأ ت .
وماذا كان على أن أفعل وقد تركت
نفسى لكل هذا الانتظار الطويل ؟
إظـــــــــــــــــــــلام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق