الاثنين، 29 أبريل 2013




          

                                              عبـاس
سعيد حجاج
ملاحظات للإخراج:

-         الديكور والملابس عبارة عن موتيفات يمكن أن تحتويها حقيبة
-         يمكن فى بعض الأحيان أن يكون الممثل عنصر هام فى عمل مؤثر صوتي أو تشكيلى أو معلق على حدث ما.
-         فى النص المسرحى ما يسمح بالارتجال على ألا يكون معطلا لتماسك العرض المسرحى
-         من الضرورى إضافة أغانى درامية قصيرة.
-         فى بداية كل لوحة يظهر أحد الممثلين حاملا اسم اللوحة على لافته معلقة على صدره.



لوحة 1
عينة عشوائية من المواطنين تدلى
برأيها فى فعلة المواطن عباس

(ساحة فضاء خالية تماما من أى ديكورات. بعد لحظات يدخل الممثلون يغنون أغنيه مستوحاة من روح النص. بعد الأغنية ينسحبون ليبقى الموسيقى الذى يعزف على الدرامز أو أى آلة موسيقية ملائمة. يدخل ممثل بعد الآخر).

شناوى:    لا لا لا.. أنا أول ما سمعت الكلام ده ماصدقتوش. ماهو أنا لا مؤاخذة مش عبيط ولا مختوم على قفايا. عباس ده عشرة عمر. وزميل قديم فى المصلحة. وكنا لا مؤاخذة بنقعد سوا على القهوة اهريه طاولة. كنا أول ما أقول صلى على النبى تضيع منه العشرة. النية كانت صافية والواحد قاعد طاهر مش زى اليومين دول. القصد عمره ما غلبنى. يووووه المهم يبقى معقول اكذب عشرة العمر واصدق الحكومة؟ ليه؟ انهبلت ولا جرى لعقلى حاجة؟ هى الحكومة عمرها صدقت فى ايه علشان نصدقها ونكذب عشرة القهوة؟ وبعدين الحكاية دى ما تدخلش راس واحد عاقل زى العبد لله.. وانا ولله الحمد عقلى اللى فى راسى يوزن بلد زى البلد اللى..... اللى جنبنا من أى ناحية. هما يقولوا اللى يعجبهم. آه انما اللى انا أعرفه كويس. ما حدش يقدر يكدبنى فيه. ده كلام تضيع فيه رقاب ووراك وأجنحة كمان. احنا موظفين اه بس شرفا. حراميه لأ. فهلوية آه.. بس نصابين لأ. يعنى الفقر عمره ما يطول ايدينا ولا يخلى عنينا تبص للى مش لينا. احنا اشرف ناس فى الوطن. وعباس اشرف واحد فينا. وانا أبصم بالعشرين ايد ورجل على الكلام ده وعارف انه عمره لا ها يطلع فى التليفزيون ولا الراديو ولا المرسح ولا السيما. انما ممكن نلاقيه فى المحمول لو حد معاه محمول م الغالى أبو كاميرا.

(فاصل موسيقى)

حنفى:       عباس؟ يا ريت يرجع يوم من أيامك يا عباس. يا شقيق. هو كان فيه راجل زى عباس؟ ياكش بس هو كان نتن حبتين. بخيل شوية. حريص حبتين. تقدر تقول يعنى ما كانتش ايده فرطة. بس عمره ما مد ايده وسرق لأ. كان يمدها عشان يستلف بس. الحقيقة لازم تنقال ولو على رقبتنا اللى اتهرت من ضرب الرايح والجاى. عباس كان ابن خالتى من بعيد قبل مايتوه. بعد ما تاه مش عارف غير موقفه ولا لأ؟ الحق لازم ينقال ولو علقوا لنا المشانق. لو غلوا السكر والزيت. لو حطوا بدل الشاى نشارة. لو زودوا المواصلات جنيه بحاله لو شالو الدعم من العيش وحطوا المسامير. لو فضلوا عاملين معاهدة وكل يوم يموت لنا ميه. عباس ها يفضل شريف. احنا فلاحين ولاد فلاحين. أصلا. نعرف الخير من الشر. فجر الضمير كان هنا يا عباس.. قاوم. ارمى الحكومة بحجر انت مش أقل من العيال. مش أقل من الشهدا فى فلسطين. مش أقل من الثوار فى فرنسا. مش أقل من جيفارا فى امريكا اللاتينية. مش أقل من المحاربين فى فيتنام. مش اقل من الجنود اللى دمها سال على رمل سينا. قاوم يا عباس. واهرب. الحكومة لو قفشتك ها تبقى ليلتك زى الطين. ويبقى عليه العوض فى البطولة والنضال. (صمت) انت شريف مهما قالوا ما تهوبش ناحية الحرام. ولا ناحية مال الحكومة. وحتى لو هوبت ما هو مال الحكومة هو مال الشعب. من الضرايب اللى بيطلعوها كل 27 ثانية ع الميت والحى. تبقى فلوس الحكومة فلوسك.. وانت مش حرامى.
(فاصل موسيقى)

حسنية:     يا سبعى.. يا جملى. يا ابو عيالى الخمسة يا عباس. هو كان فيه راجل يملى العين زيه؟ ينخشش فى النافوخ زيه؟ يسوى ضفره زيه؟ الله يرحمك لو كنت عايش ويسامحك لو كنت ميت، ويمسيك بالخير لو كنت هربان يا سبعى. اقول ايه بس وانا وليه مكسورة الجناح لا ليا ولا حواليا؟ كان يناغشنى لما آكل لقمة زيادة.. يقولى يا فجعانة. اقول له يا راجل انا بآكل أكل نفرين. انا حبلى مش زيك فاضيه. وأهو انت السبب فى النفخة الكدابة دى. يرد ويقولى احنا الإتنين السبب. احنا الإتنين كلاب مش عارفين نحدد النسل. والقهر شغال من كل ناحية.. وبالليل كان يقوللى انا ها اتجوز تانى يا مرة. انتى خلفتى كتير وما عدتيش نافعة. اقوله غور. اللى خدته القرعة تاخده ام الشعور. كان يضحك بعزم ما فيه وياخدنى الاودة. ويطلع ع السرير. يقلع هدومه. أقول فرجت. ياما انت كريم يا رب. يعدل المخدة وينام سطيحة (تندب) عشمتنى بالحلق قلعت أنا هدومى. لا جبت لى الحلق ولا فضلت بهدومى. بس الأكادة انه كان راجل بصحيح آه.. والواحدة الأصيلة تحفظ سيرة جوزها ولا تفضحهوش قدام الجمهور.

(فاصل موسيقى)

أمين:        عباس ده كان راجل نص كم. وسخ. أبدا ما كانش حد فى المصلحة يقبله ولا يعمل له اعتبار. كنا آخر الشهر نعيش حالة انفصال فى الشخصية. سيزوفرانيا يعنى. يعنى نص الواحد يبقى نازل الخزنة فرحان علشان ها يقبض والنص التانى متكدر وحزين علشان راح يبتلى بسحنة عباس. انا عن نفسى ما شفتش منه غير كل ردى. أعوذ بالله. كان تنك.. طاووس. يقولى مش عيب يا حاج أمين تفضل طول النهار فاتح درج المكتب وانت الزبيبة فى قورتك أد الصحن؟ اقوله اخرس قطع لسانك المهم الفريضة مش الدرج. وبعدين درج ايه اللى انا فاتحه؟ الدرج يا ابنى مزنوق والمجرى بايظة.. المكتب كله بايظ. اصلحه من جيبى؟ يقولى واللى بيتحط ده ايه مش رشوة؟ اقوله اخرس دى اكراميه.. من أهل البر. واهل الشر اللى عينيهم تندب فيها رصاصة هما اللى مبوظين الدرج. صلحه يا اخويا لو كان معاك حق تصليحه. ساعتها بس ينكتم ويحط لسانه فى بقه ويغور. عباس كان زفت.. زباله. نافش ريشه وماشى يتعايق بهدومه المرقعة وجزمته المخرومة. عباس كان حاقد ع الدرج. (صمت) ياللا.. وكنا ساعة الصلا بقى ندعى من قلوبنا الطاهرة ونقول يا رب المدير يغير عباس ويجيب موظف جديد نزيه يمسك الخزنه. جار مالوهش عيون. ساعتها آخر الشهر كان ها يبقى عيد. (يغنى)
عيد سعيد علينا
وعيد سعيد عليك
والكل يبقى حاسس
ان حياتنــــــــا عيد
عيد ميلا د سعيـــــــــــد
                 وافتح درجى وتفتح درجك والدنيا تزهزه حوالينا. ويظهر ان ربنا استجاب. وغار عباس وغارت أيامه السودا. ونظرة عينه اللى خارمة الدرج.. وأنا قسما عظما بالله لأعمل حفلة فى قلب الخزنة واشرب فى صحة عباس المنكر.. الحرام... اللى عمرى ما حطيته فى بقى. ها اشربه على روح عباس يوم ما تطلع ولا الحكومة تقفشه.

 (فاصل موسيقى)
لوحة 2
أوامر عليا صادرة بمهاجمة منزل عباس
فى الحى العشوائى

(فى المنتصف تماما يوجد برافان قماشى ثنائى ذو نافذتين. الضابط يقف بعيدا ممسكا بكوز صفيح. فى الناحية الأخرى يقف عسكرى، وكل منهما يعلق لافته على صدره برتبته)

الضابط          : المكان محاصر يا عباس والشارع ملغم.
العسكرى        : أضرب يا افندم؟
الضابط          : لسه ما تضربش.. ناقص كام جمله نقولهم واضرب. اخرج يا عباس ما تخليناش                              نستعمل العنف. ونهد البيت.
العسكرى        : أهد يا افندم؟
الضابط          : لسه ما تهدش.
العسكرى        : "بعصبيه" بقالنا ساعتين دلوقتى بنهاتى ما حدش معبرنا وانا بطنى بتمغص يمكن مش            موجود ولا حاجة.. استهدى بالله كدة احنا نروح ونيجى له الفجر.. الصبح له عينين يا                    افندى والضهر ها يدن.
الضابط          : اسكت انت.. انا أدرى منك بالعالم دول ما يظهروش الا الضهر.
العسكرى        : حاضر يافندم. طب ايه رأيك لو تهجم انت من الشباك وانا استناه هنا بالكوز وأول ما               يخرج اسوره فى ودنه؟
الضابط          : دلوقتى لأ.
العسكرى        : امتى يا افندم أمال انا سايب الحاجة فى البلد وحديها وزمانها قلقت على.
الضابط          : بعد تسع ساعات بالظبط من الحصار لو ما جاتش اشارة من مجلس الأمن نهد البيت               ويشيلوها هما بقى.
العسكرى        : هده يا افندى المجلس خربان ما فيهش حد له لازمة.
الضابط          : اسكت بقى.
العسكرى        : يعنى ناقص كام ساعة؟
الضابط          : ناقص دلوقتى ساعتين.
العسكرى        : والله ده وقت المسرح بيجرى عال يا باشا.. هو ده الإيقاع الصح ولا بلاش.
                   "صمت"
                   همه الساعتين خلصوا ولا لسه؟
الضابط          : لسه.. ما فيش فايده يا عباس. المكان محاصر من كل ناحية.. سلم نفسك.
العسكرى        : قوله يافندم.. سلم نفسك واخليك شاهد ملك. وساعة ما يصدق نهجم عليه ونخلص منه.
الضابط          : ونخلص منه ليه بقى؟
العسكرى        : مش حمار وصدق الحكومة؟
الضابط          : اخرس يا عسكرى.
العسكرى        : خرست أهو.. وحطيت لسانى فى حنكى. كان ايه اللى يخلينى اسيب بلدنا والأرض                 واجى هنا اتغرب؟ انا كنت هناك فى المركز مرتاح.. لولا التار اللى على ماكنتش                      وطيت راسى واشتغلت معاك.
الضابط          : اخرس يا نيلة.
العسكرى        : خرست يا افندى وشلت الطين.

(تطل امرأة من احدى النوافذ)

المرأة            : عايزين مين يا افندى انت وهو؟
الضابط          : عاوزين عباس عباس على عباس.. معانا إذن من النيابه بقفشه.
المرأة            : عباس مين اللى انتوا عاوزينه من صباحية ربنا لحد الضهر؟ انا مش عارفة أغمض               عينى وانام يا ظلمة.
العسكرى        : عرفتك يا باشا عرفتك.
المرأة            : ودينى لأصحى جوزى يشوف له صرفه معاكم ويرش ميه.
الضابط          : جوزك عباس؟
المرأة            : لأ يا خفيف جوزى خميس.
العسكرى        : أمال فين جوزك خميس؟
المرأة            : باقولكم ما فيش حد هنا بالأسم ده.
الضابط          : مش هو ده شارع حنكش؟
المرأة            : آه شارع حنكش.. بس ما فيش هنا عباس.
الضابط          : أدخلى جو ا يا ست احسن اقبض عليكى.
المرأة            : معاك إذن من النيابة يا حلو؟
الضابط          : معانا قانون الطوارئ يا فالحة.
المرأة            : انت يا جدع منك له جايين تقلقوا منامنا وفى الآخر تقبضوا علينا؟ يا معلم خميس. انت            يا معلم خميس.. يا سيد الرجالة؟
خميس           : "من النافذة الأخرى" ايوة يا ام على الله. فيه حاجة.؟
المرأة            : قوم يا معلم شوف الحكومة دى مين اللى جابها هنا وعاوزة ايه؟
خميس           :عاوز ايه يا أستاذ منك له؟
الضابط          : احنا مباحث.
خميس           : تشرفنا يا مباحث.. خوفتونا يا مباحث.. قلقتوا منام ابونا يا مباحث؟ والمطلوب ايه عدم            المؤاخذة؟
الضابط          : مش ده شارع حنكش؟
خميس           : جايبين القوة دى كلها علشان تسألوا على عنوان؟ هو يا سيدى شارع حنكش.
العسكرى        : اهو احنا بقى جايين نقبض على عباس.
خميس           : ما فيش عباس هنا بالاسم ده.
الضابط          : أمال راح فين؟
خميس           : ما تزعقش يا افندى.
العسكرى        : ماتأخذوش يا حاج.. اصله شايف نفسه حبتين. قوله بالراحة يا تامر.. قوله فين عباس               يا حاج. هه.. قوله.. قوله.
الضابط          : فين عباس يا حاج؟
خميس           : فى الشارع اللى ورانا يا سيدى.
العسكرى        : شفت؟ شفت الأدب حلو ازاى؟
المرأة            : انت مالك يا معلم خميس؟ ما تقوله ما أعرفش وخلاص.
خميس           : اهو الواحد بيدل التايه يا ام على الله واجره على الله. دى حكومة محتاجة مساعدة يا أم              على الله.
المرأة            : وهى كانت ساعدتنا فى ايه يا خميس؟ مانت مرمى يا أخويا عيان بقالك
                    سنه زى البيت الوقف ما حدش عبرك بجنيه دوا.. وهما دايرين علاج فى الفنانين                              والغوازى.
خميس           : الفنانين دول ناس قيمة يا ام على الله انما احنا جزم.. بنفيد البلد بإيه علشان
                    تعالجنا؟ توب القماش اللى بنغزله ولا شوية القمح اللى بيزرعهم الفلاح ولا التمثيليه أم             تلاتين حلقة؟ أنهى يا وليه اللى بيهلك الصحة؟ خليها على الله يا أم على الله.. دول ناس                     شقيانة علشان تضحكنا.. الشارع اللى ورانا يا ابنى اسمه برضه حنكش. روح يا ابنى            الله يسهلك انت وحكومتك ويسامحكم.
المرأة            : الا الدعوة دى يا معلم خميس لا يكون باب سما مفتوح.
الضابط          : انتى كدة يا ست بتضللى العدالة.
المرأة            : حوش يا حواش.. العداله بقت مفتحة يا سيدى وعارفة طريقها كويس
                    عارفه تروح لمين وتسيب مين. انما احنا لينا ربنا
الضابط          : العداله لسة بخير يا ست لسه عاميه وزى الفل. احترمى نفسك وانت بتتكلمى عنها.
خميس           : بالراحة ع الست يا سيدنا الأفندى.. ماسمعتش حديث رفقا بالقوارير؟
الضابط          : وهى دى قوارير ياحاج؟
العسكرى        : دى زير ياباشا.
المرأة            : إتلم يا واد وما تغلطش
الضابط          : ها اسجنك ياست باقولك. قانون الطوارئ مامتش.
خميس           : خلاص يا باشا حقك على انا " يحسس على قفاه " هتلاقى عباس انشاء الله فى
                   الشارع اللى ورانا.
الضابط          : أروح له منين؟
خميس           : تعالى يا باشا ادخل له من عندى واهو بالمرة تشربوا شاى ونعمل معاكم واجب
العسكرى        : طب اروح انا يا فندى واجي لك بكرة ع الشارع التانى.
الضابط          : إنصراف يا عسكرى.. لم الخندق والسلاح ونادى القوة تشرب شاى.
العسكرى        : تمام يافندم.
  (فاصل موسيقى)
لوحة 3
حصار عباس رهيب
لكنه عدل فى ذات الوقت

(ثلاث مقاعد وثلاث محققين وحسنيه محمد السيد)

محقق 1                   : اسمك وسنك وعنوانك؟
حسنيه            : حسنيه محمد السيد 35 سنه......
محقق 2                   : " مقاطعا" بلاش لف ودوران. اسمك الحقيقى؟
محقق 3                   : اطلع من دول يا وله.. اقلع الباروكة وامسح الروج.
حسنيه            : ده شعرى مش باروكة يا بيه.
محقق 1                   : الإنكار مش ها يفيدك يا عباس.
محقق 2                   : الإنكار مش فى صالحك
حسنيه            : وإيه اللى ها يخلينى انكر بس؟
محقق 3                   : علشان تطلع من القضيه زى الشعرة من العجين. واحنا نطلع أى كلام.
حسنيه            : انا مش فاهمه حاجة خالص.
محقق 1                   : الإختلاس ثابت فى الأوراق وعندنا الف دليل ودليل.
محقق 2                   : انت ساكن فى شارع حنكش. مش كدة؟
حسنيه            : أيوه.
محقق 3                   : أمال بتنكر ليه انك عباس يا عباس؟
حسنيه            : أنا مرة يا باشا.
محقق 2                   : ومين اللى قالك ان المختلس فى نظرنا يبقى راجل.. اللى يسرق خير بلده
                    لازم يبقى مرة.
حسنيه            : طب انا ما سرقتش خير بلدى.
محقق 1                   : آديك اعترفت بعضمة لسان.
محقق 2                   : تبقى راجل ولا مش راجل؟
محقق 3                   : تبقى ولا مش عباس؟
حسنيه            : انا حسنيه مراته.
محقق 3                   : التحريات اللى عندنا بتقول ان عباس مش متجوز.
حسنيه            : تبقى تحريات قديمة من أيام العزوبيه.
محقق 1                   : التحريات بتاريخ امبارح بس.
محقق 2                   : يبقى نصدقك ولا نصدق التحريات والشهود؟
حسنيه            : خلاص ودونى الطب الشرعى يكشف على.
محقق 3                   : يبقى عملت العمليه يا نمس وفاكرها ها تخيل علينا.
محقق 2                   : سيد عملها وبقى سالى ورفدناه من الجامعة.
محقق 1                   : ومحمد على عملها وبقى ايمان واشتغل رقاصة.
محقق 2                   :مش هى دى صورتك؟ بص كويس.
حسنيه            : هى صورتى.
محقق 3                   : والاسم اللى ورا الصورة مش هو اسمك؟
حسنيه            : لأ انا ما اسميش عباس.
محقق 2                   : قلنا بلاش لف ودوران.
حسنيه            : انا مش عباس.
محقق 1                   : عموما دى قضية تحسمها المحكمة. خلينا احنا فى لب القضية.
محقق 2                   : راحت فين الفلوس اللى اختلستها من خزنة المصلحة؟
حسنيه            : "تخبط على صدرها" عباس طلع حرامى؟
محقق 3                   : يا واد اطلع من دول.. انت ممثل جامد قوى.
حسنيه            : "بإصرار" انا مش عباس
محقق 2                   : لو افترضنا جدلا يا سيد عباس انك مش عباس.. تقدر تقولنا عباس فين دلوقت؟
حسنيه            : انا نفسى ما اعرفش ونفسى أعرف.. انا من ساعة الراجل ما غاب وانا متبهدله
                    ماحدش ادانى ولا مليم.. انا لولا القرشين اللى كانوا تحت البلاطة مقطوعين
                    من قوت العيال كان زمانى باشحت
محقق 1                   : اطلع من دول يا وله."يشد شعرها".
حسنيه            : " تصرخ "
محقق 2                   : زارع شعر مش كده؟ زراعة الشعر بقت متطورة قوى اليومين دول.. عصر العلم                  غير حاجات كتير.. بس ما قدرش يغير الحكومة نفسها
محقق 3                   ": " برقه " يا عباس لو اعترفت انا ممكن أخليك شاهد وزير.
حسنيه            : شاهد ملك يعنى؟
محقق 2                   : لا.. شاهد ملك ده كان فى العهد البائد.. زمان.. والعهد البائد اهو راح وجه عصر                             الديمقراطيه الإمبريالية الاستعمارية الحقيقية.
محقق 1                   : قوله اخليك شاهد رئيس.
محقق 2                   : انت عاوز تودينا فى داهية وخلاص؟ ما لناش دعوة بحد.
حسنيه            : انا مش فاهمة حاجة.
محقق 3                   : يعنى احنا اللى فاهمين؟
محقق 1                   : دلوقتى ها تفهم كل حاجة.. فرج.. خلى عباس يفهم كل حاجة زى السندريللا
                    فى فيلم الكرنك.

(محقق 2 ومحقق 3 يرتديان موتيفة مخبرين ويبدآن مشهد تعذيب تعبيرى مع مؤثر صوتى)

حسنية            : اقر وأعترف انا الموقع أدناه اننى انا عباس عباس على عباس قد اختلست من
                    خزنة المصلحة عدد واحد جنيه، واننى استاهل قطع رقبتى والحكومه على ما أقول
                    شهيدة.. المقر بما فيه.
                   حسنيه محمد السيد
                                               
(فاصل موسيقى)

لوحة 4
نفى عباس حتمى وضرورى
فى هذا الظرف التاريخى العصيب

(قاعة المحكمة. القاضى وحيدا على مقعده. خلف القضبان حسنية إلى اليسار المحامى الأبكم)


القاضى          : الدفاع عاوز يقول حاجة؟
المحامى                   : "يترافع بإشارات من يديه وصوته مرافعة لا تقل عن دقيقة"
القاضى          : شكرا على حسن مرافعتك. وايضا على حسن صياغتك اللغوية استطيع أن أقول من                هنا ايها السادة. لقد عاد للغة العربيه مجدها القديم وتأثيرها القوى. تحب تقول حاجة يا                عباس؟
حسنيه            : ايوه يا حضرة القاضى.
القاضى          : اتفضل.
حسنيه            : احب اقول انى مش عباس.

(يحدث هرج ومرج مما يستدعى القاضى للطرق بالمطرقة إلى أن يصمت الجميع)

القاضى          : ده موضوع انتهت منه النيابة والطب الشرعى من زمان يا سيد عباس وعيب نشكك               فى بعضنا. كل واحد عمل اللى يرضى ضميره الحكم بعد المداولة " صمت " حكمت                   المحكمة حضوريا على المتهم عباس عباس على عباس بالنفى إلى مالطا الشقيقة يدن            فيها براحته. رفعت الجلسة.

أصوات متداخلة          : يحيا العدل.. يحيا العدل.

(فاصل موسيقى)


لوحة 5
هدوء عام يسود الوطن

(عدة أماكن متداخلة. الجميع يغنى أغنية الحياة بقى لونها بمبى)

امرأة السوق     : خمسة بربع جنيه يا عيش.
رجل 1          : يااااااه كابوس وانزاح.
امرأة             : كنا فين وبقينا فين. داهية لا تعيدها أيام.
امرأة السوق     : خمسة بنص جنيه يا عيش.
رجل 2          : مش لو كان عباس ده غار من زمان.. كنا بقينا عال العال؟ ولا كناش بقينا عالم تالت              ابدا؟ الواحد ما عادش شايل هم. الحمد والشكر لك يا رب.
رجل3           : المستقبل يا ولاد بقى مشرق. وانتوا انشاء الله يا اولاد ها تتعلموا وتتعينوا وتتجوزوا               وها يبقى المستقبل قدام اولادكم مشرق برضة. لا ها يبقى فيه قعاد ع القهاوى. ولا                               فيديو كليب فاسد واباحى.المسخرة اللى كانت على أيام عباس زالت يا اولاد.
امرأة السوق     : خمسة بجنيه يا عيش.
امرأة             : وأهم من ده وده. ان كفاح المرأة سيثمر بلا شك ليزيل سطوة الرجل وعنجهيته. حرية              المرأة بقت حقيقة مش خيال.
رجل 1          : الهى ما ترجع أيام عباس.
الجميع           : آمين.
امرأة السوق     : الرغيف بخمسة جنيه يا عيش.
الجميع يغنون   : كنا فين وبقينا فين
                    كنا ايه وبقينا ايه
                    كنا لا وبقينا آه
                    كنا تيت وبقينا توت
                    كنا عايشين حالة الموت
                    كنا فين وبقينا فين.

 (فاصل موسيقى)


لوحة 6
عينة عشوائية تدلى برأيها
فى شجاعة إقدام صقور الوطن

(أمام شاشات التليفزيون. وميكرفونات الإذاعة)

بسطاوى         : الحكايه على حسب ما سمعتها من جيران عباس فى حارة حنكش ان عباس  وهو                            بيجرد الخزنه قبل 30/6 اللى فات لقى جنيه مقطوع فيها قال ياخده يغيره من البنك                  وهو مروح. وهو مروح كان بيفكر فى غدا العيال وامهم. كان بيفكر فى لبن الرضيع  المدعم                  ها يلاقيه والا ها يشترى البديل. كان بيفكر ازاى يرسم بسمة على وشه يقابل بيها أم             عياله. أول ما تفتح له الباب. وازاى يزيح الهم الرابض فوق صدره ومكلبش فيه كان                   بيفكر يحكى لولاده حكاية مين. بعد ما خلصت حكايات الشطار وفضلت حكايات                               الخونة. القصد.. عباس وسط كل ده نسى فى جيبه البنك وما راحش الجنيه. مراته بتانى             يوم غسلت البنطلون فى طشت غسيلها. والمرة دى كانت المرة الوحيدة اللى كانت                       حسنية ما تحطش فى دماغها ما تفتش جيوب عباس. مش عارف ليه. المفتش تانى يوم                     جه يعمل جرد فى خزنة عباس لقى عدد واحد جنيه ناقص منها. على طول ضميره ما                سكتش وفضل يصرخ جواه بصوت عالى. على نيابة الأموال العامة قام طالع رهوان                     بلغ عنه. إتحول عباس للتحقيق س وج س وج. فى الآخر قال يتصالح واستأذن قال                            يستلف من واحد صاحبه جنيه ويسوى المشكل. الحكومة مش عبيطة.. الحكومة أذكى               من خيال البعيد مصرة ومصممة كانت عاوزة فلوسها هى فلوسها مش بديل من جيب               أصحاب عباس. الحكومة ما ترضاش الظلم.

(فاصل موسيقى )

جمعة             : الحمار فاكر ان اى جنيه يساوى جنيه الحكومة. جنيه الحكومة دهب. فرخة الحكومة               جمل. قطر الحكومة تابوت.. العبارات فى البحر مراكب شمس واصلة للآخرة طوالى.                  الحكومة ريحت الشعب خلاص من تلاكيك عباس. والحياه رجعت بمبى. رجعت                         خضرة. الحياه بقى لونها روز. الحياه بقت حاجة تانيه. واحنا بقينا فى ملكوت الله وفى                    ذمة التاريخ يا عباس.
                            
(فاصل موسيقى )

مدحت            : وهى دى حكاية تتنسى؟ الحكومة دخلت زى الصقر بيت عباس وهو فى قلب                        الدولاب. بعد ساعتين كشفوه. فتحوا الدولاب نط منه زى الغضنفر ساعتين كمان يعافر                    معاها وتعافر معاه. انما مين دى حكومة يا عباس وانت مش اكتر من خرقة دايبه بين               ايديهم.. كلنا خرق دايبه بين ايديهم والحكومة ابدا ما تسيبش حق مواطنينها الشرفا ولا                  تفرط فيه. القصد عباس كان آخر مطافه فوق الدولاب.. سهيت عنه طرفة عين كان فى                     الشارع.

(فاصل موسيقى)

المسئول         : فى الحقيقة طلعت إشاعات كتير. اللى يقول ان عباس كان فوق الدولاب ونط فى                              الشارع رغم الحصار. وهرب. واللى يقول مافيش عباس من أصله وده كلام مغرض                من أغراضه يعطل المسيرة الديمقراطيه. الحكومة مش زى ما الناس فاهمة. لأ                           الحكومة لو بقت مفهومة تضيع. الحقيقة انا ها أقولها كامله الحقيقة ان عباس كان راجع                بطن امه. آه امه ست كبيره وعايشة معاه. ست كبيرة ما حبيناش نبهدلها. السن هنا له               عامل كبير فى الحكايه دى الست الكبيرة قبل ما تخفى ابنها عباس وتقفل رجليها. كان               عسكرى حويط من رجالنا الشرفا مركز مع امه مش عارف ليه. مد ايديه وجابه..                              الحقيقة عباس مش سهل ولا طيب زى ما بعض الناس فاهمين. عباس ليه الف وش                 و35 سابقة وحكم بالنفاذ. والعدل كان لازم ياخد مجراه. وقد آلينا على انفسنا أن نضرب                   الفساد فى عقر داره وفى عقر دولابه وفى عقر أمه. سوف نضرب الفساد وسوف                      نضرب انفلونزا الدجاج وانفلونزا الحيوانات.. وشرور عباس.

(فاصل موسيقى)

أمينه             : عباس ده ايه اللى يخلى شعر الحكومه يشيب ولا يقف.. الحكومة خلت كل شيء نايم               ومرتاح. عباس ده حتة صراف كحيان نسى فى جيبه مبلغ كده مش عارفة كام. ما انتوا               عارفين الحكايه. واحنا شعب الحضارة 7 الاف سنه والعالم يشهد لنا.. نعمل من الحبة                     قبة. وم الحجارة كام هرم بيتحدوا الزمان. واهو الجرايد كتبت عن عباس والراديو ذاع             والفضائيات الفاضية اتملت وبقت زى الفل.. لكن لو كان طلع براءة كفى الله الشر. لا                   حد كان ها يكتب ولا ها يقول.. وها يفضل عباس زى ماهو فى ذاكرة الوطن.. حرامى              كبير.
                            
(فاصل موسيقى)

الواعظ           : أما بعد.. قد طلب منى أن أدلو بدلوى فى موضوع عباس.. وانا أرى انه موضوع                             شائك وانا ما احبش اشوك حد.. دى أعراض ناس لا يجب الخوض فيها. "ملتفتا "                             حاضر حاضر ها اكمل.. عباس ده والعياذ بالله تسانده قوى كافرة مش عاوزة الوطن                يقوم على حيله. هذه القوى تدفع عباس دفعا نحو الفساد. والدين لا يقبل هذا. اذن لابد                 من ضرب عباس والقوى المساندة له.. لأنهم يبغون أهل الوطن الطيبين. البررة الذين لا                     يهشون ولا ينشون ولهم الله من قبل ومن بعد.. والله على ما أقول شهيد واستغفر الله               العظيم. كفايه بقى.

(فاصل موسيقى)










لوحه 7
احتفال مهيب لتسليم أنواط الشجاعة
لقادة عملية اسود الدواليب

(مشهد حركى. حيث أربعة من الهياكل ترتدى زيا رسميا. تصطف فى العمق لحظات من الضجيج والغناء. والتصفيق. يدخل السيد المسئول وجواره شخص يحمل على صينيه أنواط الشجاعة المسئول يسلم على الهياكل ويعلق فى رقابهم الأوسمة حتى آخرهم. ويحيي كلا منهم وأخيرا يحيي الشعب الذى يعلو تصفيقه).

(فاصل موسيقى)








لوحة 8
عباس خالد

(المكان خال تماما. يظهر احد الأشخاص آتيا من العمق ممسكا بلافتة مكتوب عليها بالخط الواضح (عباس) يمر بها من وسط الجمهور، محدقا فى وجوههم طويلا، ثم يخرج.

(موسيقى وأغنية الختام )

سعيد حجاج
Saeid_hagag2000@ yahoo.com


نورا

عن ابسن
                                          سعيد حجاج


( حجرة فى أحد البانسيونات المطله على البحر . نافذة مغلقة فى عمق المسرح مغطاه بستارة قاتمة اللون . فى مقدمة المسرح يوجد كرسى هزاز .
فى اليسار توجد مدفأة موقدة جوارها كرسى هزاز . فى اليمين باب الغرفة)
_ نورا تجلس على المقعد قرب المدفأة . الإضاءة خافتة حين تسطع تدريجيا يمكننا رؤية العديد من الحقائب متعددة الأحجام .
_ اول مايمكن سماعه هو صفقات الباب الأخيرة متتاليه تتصاعد مع تصاعد الإضاءة .
_ الأصوات التى تأتينا من عقل نورا بلاى باك بينما ردود نورا تأتينا من نورا نفسها وهى فى حالة استدعاء وتذكر .
ص هيلمر: انت زى ابوكى بالظبط مافيش حاجة تصعب عليكى لما تحاولى تبتزينى  . وانات ماكنتش اقدر اسيبك . كنت بحبك لدرجة انى اصريت عليكى رغم كل عيوبك دى . كان لازم تورثى كل حاجة فى ابوكى ؟
نورا      : ياريتنى كنت أقدر اورث كل حاجة منه قبل مااهمالى ليه يموته .
ص لند   : لازم تفهمى الحياة يانورا . ادارة البيوت وتربية الأولاد والحاجات دى كلها مش معضله . المعضلات ليها مقاييس تانية . انت لسة طفله يانورا رغم كل حاجة .
نورا      : انت غبت عنى كتير يالند . ماتعرفيش عنى أى حاجة .وماتحاوليش بعد الغيبة الطويلة دى تتعاملى معايا بغروروتفتكرى انك انتى لوحدك اللى فاهمة الحياه اكتر من أى حد , انت ماتعرفيش ايه اللى حصل لى وانتى مسافرة بعيد . لكن انت زى بقية الناس . كلكم لسة شايفنى عيلة بضفاير لسه بتخاف على شعرها يتلخبط من الجو . عمر ماحد فيكم عرفنى على حقيقتى ولاعرف انا تعبت أد ايه علشان احافظ على البيت ده .
ص كروجشتاد  : واضح انك مش واعية انتى عملت ايه  بالظبط . لكن اسمحى لى افهمك ان كل جرايمى  اللى عملتها ماتساويش نقطة ميه صغيرة فى بحر اخطاءك الكبير .
نورا      : انت عاوزنى اصدق انك فى يوم من الأيام كان عندك الشجاعة اللى تخليك تنقذ حياة مراتك وبيتك زى ماعملت انا واستدنت منك عشر تلاف جنيه حتى لوكنت زورت امضة بابا قبل مايموت ؟ لأن القانون ماكانش يسمح انى امضى على حاجة من غير اذن هيلمر .
ص كروجشتاد  : القانون عندنا ياهانم مابيهتمش كتير بالدوافع . مايهموش غير انه يحاسبك على غلطك وبس .
نورا      : القانون اللى  يعمل كده .. يبقى قانون ساذج وغير انسانى .
ص كروجشتاد  : بس ده مايمنعش انك تاخدى جزاءك اللى تستاهليه يامدام نورا . بمجرد ماالمحكمة تشوف الورقة دى .
نورا      : عاوز تفهمنى انى كنت غلطانة لما حاولت استدين علشان اعالج جوزى . وانى كنت غلطانة لما ماحاولتش ااذى مشاعر بابا هو بيموت ؟ كنت غلطانه لما عملت كل دة ؟ انا مااعرفش كتير فعلا عن القانون . لكن اللى أعرفه كويس ان فيه قوانين تخلينى أعمل كل دة لما يبقى بيتى مهد د بالخراب .
ص رانك : انت لغز كبير يانورا . لغز كبير قوى .. كنت طول الوقت فاكر ان وجودى جنبك دايما.. مايقلش خالص عن أهمية وجود جوزك .
   نورا   : دكتور رانك انت صديق هيلمر وبس . عارف انا كنت دايما اشوف الناس صنفين .. صنف تعشقه الأنثى اللى جوايا .. وصنف تانى افضفض معاه بأحزانى وافراحى وهمومى .. لما كنت صغيرة .. كنت احب قوى اقعد مع الخدم والطباخين . عارف ليه ؟ علشان كنت باسمع منهم اللى مايقدرش بابا يقوله .. واتعلم الحياه بجد من غير فلسفة ولاتعقيد . دة رغم انى كنت باحب بابا اكتر ممايتخيل اى حد .
                                                    ( موسيقى تهتز معها نورا فجأة
                                                    تقفزمن المقعد )
نورا      : فعلا . انت نجيت ياهيلمر.. انت لوحدك اللى نجيت ياهيلمر انت بس.. لأ مش احنا الإتنين ياهيلمر لأ . حتى لورجع كروجشتاد الكمبياله ام توقيع مزور . حتى لوكان اعتذر عن اللى عمله فى حقى.
            تعرف  ؟ انا عشت تلات تيام فى الجحيم .. الجحيم بجد مش مجازا .. كنت يادارى خوفى وقلقى ومحنتى . من غير مااطلب معونة من حد . انا آسفه ياهيلمر..  آسفة مااقدرش اعمل حاجة دلوقتى بأسفك ولا غفرانك .ايه فايدة انك تعتذر دلوقتى أو تسامح بعد ماتعرف ان كل اللى عملته كان بدافع حبى ليك وللبيت ده وللأولاد . لازم اعترف لك انى حبيتك اكتر من أى شىء. علشان كده انا مااقدرش انسى ابدا كل اللى انت قلته فى حقى. وحق بابا وحق البيت ده  ياهيلمر .. فعلا .. حتى لوكانت خانتنى طريقة التعبير عن الحب ده .   .علشان بس تدافع عن نفسك ومنظرك قدام الناس .. لكن انا .. انا اتعذب واقلق واموت من الخوف وتطربق الدنيا فوق دماغى .. ايه فايدة انك تسامحنى دلوقتى ياهيلمر ؟" صمت " عارف انا ناقصنى ايه دلوقتى ؟ ناقصنى اخلع هدوم العروسة اللعبة اللى انا لابساها من زمان دى .. لازم اغير هدومى دلوقتى لأنى مااقدرش افضل لابساها على طول ياهيلمر .. وعارف ليه كمان ؟ علشان مااقدرش اعيش معاك يوم واحد بعد النهاردة .. بس قبل كل دة لازم افضفض معاك بكل حاجة خزنتها جوايا طول السنين اللى قضيتها هنا .. فى بيتك ياهيلمر . لازم من لحظة تبوح بيها الجاريه بكل حاجة فى وش السلطان ياهيلمر .. وهى دى اللحظة المناسبة اللى ماينفعش اخد فيها همومى معايا ولا أحزانى .." صمت " عمرك مافهمتنى ابدا ولاانا كنت للأسف فاهماك لغاية دلوقتى .. هى دى المشكلة الحقيقية .. تمن سنين تحت سقف واحد واحنا عمرنا ماتقابلنا مرة واحدة علشان نتكلم بجد . وقبل كدة بكتير ايام الخطوبة حتى .. عارف ليه ؟ علشان كل واحد فينا كان لابس ماسك .. وعمره مابان على حقيقته علشان يعجب التانى وبس .. يعجبه دلوقتى مش يبنى معاه بيت بعدين .. هى دى مشكلة الناس الحقيقية ياهيلمر .. مش احنا بس . عارف احنا عمرنا كمان ماحطينا راسنا فى راس بعض علشان نحل مشكلة بجد .. كنا بنعمل كدة بس لما كل واحد يشتاق للتانى وعاوز يعمل معاه جنس وبس .. عمرك مافهمتنى ياهيلمر .. انتوا الاتنين غلطو ا فى حقى كتير . انت وبابا .. بس هو الاول طبعا .. وانت بعد ين , هى دى الحقيقة  الواضحة زى الشمس اللى انا كمان ماكنتش شايفاها ابدا لانى قربت منكم وحبيتكم اكتر من المعقول  عارف بابا زمان كان ياخدنى فى حضنه ويكلمنى فى كل صغيرة وكبيرة, بس عمره ماسمعنى ولاسابنى انا اتكلم وارد . كبرت وكبر معايا كل كلامه على انها هى دى بس الحقايق .. لكن الباطل لا. عمره مايطلع منه .. حتى لما كنت اختلف معاه فى حاجة كنت اخاف يزعل منى ومايحضنيش تانى .. ويسيبنى فى قلب الوحدة وقلب البرد .. كنت فى نظره برضه عروسه حلاوة .. زى ماكنت فى نظرك دايما .. لما اتجوزنا وعشت معاك هنا .. لقيتك بتنظم العالم لوحدك من زاويتك انت وبس . فمشيت معاك فى الطريق اللى رسمته انت وبس ..
ص هيلمر: " يترد مع الصدى والضحكات " عامله ايه البلبلة دلوقتى ؟
            عاملة ايه ارنبتى الصغيرة ؟
نورا      : انا كنت دايما زى عابر السبيل اللى كل همه يرتاح من الدوشة وطول الطريق . كنت دايما العروسة اللعبة اللى بتسليكم وبس .. انت وهو غلطوا فى حقى .. وانا كمان غلطت لما ارتضيت ابقى عروستكم اللعبه وماقدرتش اعمل قيمه لحياتى وسطيكم ..
            انا عمرى ماكنت سعيدة ابدا .. كنت باتخيل ان دى هى السعادة لكن اكتشفت ان فيه فرق كبير بين السعادة الحقيقية وبين السعادة المزيفة اللى صنعتوها جوايا .. عمرى ماحسيت غير انى فرحانه من برة وبس .. لكن باعترف لك ياهيلمر انك كنت دايما لطيف معايا وذوق .. كان بيتنا زى اود الاطفال مليانة بالمراجيح .. عارف العروسة دى خلتنى برضه اربى ولادى كدة خليتنى اشوفهم برضة عرايس . وجنيت عليهم نفس جناياتكم القديمة عليا ياهيلمر .. خد بالك منهم .. ماتسيبهومش .. دى بالظبط كانت حياتنا مع بعض .. حتى لوندمت دلوقتى ووعدتنى ان وقت اللعب انتهى وجه وقت الجد .. لأنك مابقيتش الراجل اللى اقدر اتعلم منه الجد . تفتكر بعد كل ده اقدر اربى الأولاد كويس ؟ فاكر لما قلت انى مااعرفش اربى كويس .. حتى لوكان كلامك ده قلته فى لحظة غضب .. فعلا ده حقيقى انت صح .. الغضب بيخلى الإنسان دايما يقول الحقيقة .. يقول اللى جواه فعلا .. انا فعلا مااقدرش اربيهم لانى ماعرفتش اربى نفسى .. لازم اربى نفسى الاول علشان اقدر اربى ولادى ,, علشان كدة انا قررت اخرج ..ودلوقتى .. لازم اعتمد على نفسى واعرف العالم اللى انا  عايشة فيه .. واوعى تفتكر لحظة انك ممكن تمنعنى بأى طريقة .. مافيش فايدة خلاص , مش هااخد حاجة من البيت غير اللى يخصنى وبس . لاهاخد حاجة منك لادلوقتى ولا بعدين .. اطمن .. هاادور على مكان تانى .. فندق بانسيون.. عشة على البحر او فى الصحرا حتى .. وهناك هالاقى اكيد اللى يشغلنى واتعلم منه الحياه . مش هااخاف من اللى ممكن الناس تقوله عنى .. الناس كل لحظة بتقول اللى عايزاه من غير حتى مايعرفوا اى حاجة .. حتى لوقالوا انى مشيت من غيرولادى ولاهمنيش جوزى ولاغيره ولاقومتش بواجبى كويس .. انا عندى واجب تانى اهم .. آه اهم .. واجبى ناحية نفسى . انا انسانه زيى زى اى حد عاقل .. اوده هو اللى لازم ابقاه دلوقتى ياهيلمر . صحيح الناس ممكن تشوفك انت الصح واناالغلط المفجع ومالينى الشطط والفجور .. لكن كل ده مايهمنيش .. انا مابقيتش دلوقتى باقتنع بسهولة باللى تشوفه الناس .. ولاحتى باللى بيتكتب فى الكتب .. انا عاوزة اشوف كل حاجة بنفسى انا .. اقتنع باللى فى مخى انا .. عارف كل الشيوخ فى الجوامع والكهنة فى الكنايس وصونا بتعاليم الدين بس مافهموناش هما عاوزينا نعمل ايه بالظبط .. لكن انا لما هاأبقى لوحدى ياهيلمر هاافكر كويس هااقلب كل كلمة فى مخى علشان اوصل للجوهر مش القشور اللى بره اللى دايما يحشوا بيها دماغ الناس فيفضلوا طول الوقت فاهمين القشور بس. فاهمين المظهر بس .. لكن جوهر الدين  اللى بيحفظ كرامة الإنسان ماحدش واخد باله منه , والنتيجة اننا عمرنا مابنقرب لربنا ابدا.. هااحاول اعرف مين الصح ومين الغلط .. انا ولا الحياه اللى احنا عايشينها من غير مانعرفها بجد .. انا دلوقتى واثقة من نفسى كويس قوى واقدراعيش حياتى من غيرك كويس قوى برضة . "صمت " شكرا ياهيلمر على كل شىء .. لكن دلوقتى ماليش يد فى حاجة .. ده قرارى الأخير .. انا مابقيتش احبك . ومابقيتش عندى رغبة حقيقية اكمل معاك .. والليلة دى لما ماحصلتش المعجزة .. عرفت انك عكس ماانا فاكراك .. "صمت " طول تمن سنين قضيناها مع بعض وانا باستنى المعجزة فى صبر .. لأنى عارفة ان المعجزات امر عمره ماكان عادى ولابيحصل كل يوم . لغاية ماحصلت الكارثة اللى حصلت بينا .. افتكرت ساعتها ان اوان المعجزة جه .. وماخطرش فى بالى لحظة لمابعت كروجشتاد الجواب انك هاترضخ لشروطه وتساعده يشتغل وياك فى البنك زى ماكان عاوز .. عارف؟ انا كنت متأكده قوى انك هاتقوله اعمل اللى انت عاوزه .. روح المحكمة زى ماانت عاوز وقدم الكمبياله للنيابة انا واقف جنب نورا لغاية ماتعدى الأزمة .. او انك تقوله الغلطه غلطتى مش غلطة نورا "صمت" وانا عمرى ماكنت هااقبل انك تعمل ده وتضحى علشانى وتفدينى بنفسك ..هى دى المعجزة اللى كنت مستنياها منك ياهيلمر وده السبب اللى خلانى افكر انهى حياتى لأنك ضحيت علشانى . وشفت ساعتها انى مش اقل من انى اقدر اضحى بحياتى كلها علشان حبك لى . لكن انت لأ اللى كان شاغلك طول الوقت سمعتك وسط الناس ووظيفتك الجديدة اللى ممكن تضيع منك لوحد عرف ان مراتك مرة زورت واستدانت علشانك وضحت بحريتها . مش انت ياهيلمر الراجل الحقيقى اللى ممكن اكمل معاه الباقى من عمرى .. لكن انت برضه عمر ذكاءك ماخانك .. لما رجع كروجشتاد الكمبياله وحسيت انك بقيت فى امان .. افتكرت ان كل حاجة ممكن ترجع زى الأول بالظبط .. البيت مفتوح .. والأولاد مبسوطين والدميه رجعت تانى فى حضنك تلعب بيها وتسليك .. ساعتها بس شفت كل حاجة واضحة زى الشمس .. انى كنت عايشة طول السنين دى تحت سقف واحد مع حد غريب .. مش بس كدة وكمان خلفت منه تلات ولاد ,وكتير سلمته جسمى وعقلى وروحى يعمل بيهم اللى هوعاوزه وبس .. اتحفرت بينا فجوة كبيرة ياهيلمر ماحدش ابدا يعرف يردمها ويرجع الأرض زى ماكانت دايما .. انا مابقيتش انفعك .. مابقيتش انفع زوجة وام .  وانت مابقيتش تنفع برضة تكون راجل تانى .. غير اللى كنته دايما .. الا لحظة ماحسيت بس ان العروسة ممكن تنكسر اوتدوب منك .. انا دلوقت مااقدرش اعيش فى بيت راجل غريب .. ابدا .تقدر دلوقتى تاخد دى .. " تخلع دبلتها وتعطيها اياه "
            علشان على الأقل كل واحد يحس بالحرية والإنطلاق . ومايفكرش فى التانى ابدا . " ممكن اطلب منك طلب صغير ؟ شكرا .. مش لازم تكتب لى .. مش لازم تبعت لى فلوس .. ولو حصلت المعجزة ياهيلمر .. واتغيرت نظرتنا للحياة بشكل حقيقى من غير تزييف ولاتزاويق .. اذا حصلت المعجزة  .ساعتها بس نقدر نعيش حياه زوجيه حقيقيه من غير تزييف ومن غير تزاويق .. شكرا يا هـ يـ لـ مـر .                        
                                   
( نسمع صفقات الباب مع تردد الجمله الأخيرة . ثم تذهب لتفتح النافذة ليعم الضوء المكان .. تفتح حقيبتها وترتب اشياءها . ثم تخرج مجموعة خيوط تريكو متشابكة وتبدأ فى فكها رويدا رويدا حتى تخفت الإضاءة والموسيقى تدريجيا حتى .......
اظـــــــــــــلام


سعيد حجاج 11/2006       

من برنامج المسرح فى الصعيد ---قناة طيبة

من برنامج المسرح فى الصعيد تجربة مسرح المقهورين باسوان اخراج سحر جروبى . برنامج المسرح فى الصعيد رابط المشاهدة   ...